للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من حد القذف، وثبوت الأعم لا يلزم ثبوت الأخص، والمحكوم عليه أيضًا أعم من القاذف من وجه، وأخص من وجه؛ لأنه يجوز أن يرمي الرجل الرجل بالزنى ولا يحب أن تشيع تلك الفاحشة، وأن يوجبه مع المحبة لذلك، وأن لا يوجبه مع محبة أن تشيع الفاحشة، وثبوت الحكم لأحد من بينهما تلك النسبة [٣ب] لا يلزم ثبوته للآخر، مثلا إذا ثبت حكم حد القذف للمحب أن تشيع الفاحشة لا يستلزم ثبوته للقاذف ثبوتا كليا.

إذا تقرر هذا فتوهيم الجلال لمن احتج بالآية صحيح.

وأما قوله في دفع الاحتجاج بالآية بقوله: لأن شيوعها فيهم عبارة عن لحوق عارها لهم، وعار زنى المرأة لاحق لرجالها ضرورة عرفية. انتهى.

فبعد صحة دعواه وهي عدم صحة الاحتجاج بالآية على حد قاذف الرجل لا يورث الكلام من شيخنا - دامت إفادته - على هذه الجملة من الكلام ما يحصل ثبوت الحد على قاذف الرجل، نعم في كلام الجلال في شيء.

قال شيخنا - دامت إفادته -: القصة متواترة لم يخالف في صحتها وتواترها أحد من أهل الشرع، وهي في غالب كتب السير (١) والتاريخ (٢)، فما معنى الرد بقوله مظلمة؟ انتهى.

أقول: الجلال لا ينكر شمول دواوين الإسلام لتلك القصة، وإنما قدح في صحة نقلها بما اشتملت عليه من إفهام عمر لزياد رغبة في ستر المغيرة، وأن هذا وجه للحكم على تلك القصة بالإظلام، وأن الأمر كما قال شيخنا - دامت إفادته - فصان الله عمر أن يوهم شاهدا في حد من حدود الله بما يثنيه عن الشهادة!.

وأما قوله - دامت إفادته - وهل يجترئ على مثل عمر بن الخطاب مثل هذا الكلام منصف؟. انتهى.

فكلام قويم، غير أن الجلال لم يرم عمر بذلك، بل أراد تنزيهه كما قدمنا،


(١) انظر الرسالة رقم (١٥٤).
(٢) انظر الرسالة رقم (١٥٤).