للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاعتراضات المعتبرة عند أهل الأصول. انتهى.

أقول: لم يبين - دامت إفادته - ما علة هذا القياس، وهي أحد أركانه الأربعة، وأن كثيرا من الاعتراضات [٣أ] الأصولية تتعلق بالعلة، فمتى أبينت علة القياس بالمسلك الأصولي، ورد على المسلك ما يرد إن شاء الله (١).

قال شيخنا - دامت إفادته -: وقد عمل عليه في إثبات الحد على قاذف الرجل المسلمون أجمعون. انتهى.

أقول: هذا دعوى للإجماع وقد تقدم أول هذا البحث ما يقيد عدم حجيته لمقام أن صغرى القياس المنطقي الذي يتخلل إليه الاستدلال بالإجماع فممنوعة.

قال شيخنا - دامت إفادته - أقول: إن كان الاعتبار في مثل هذه الآية بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالفاحشة عامة، والذين آمنوا عام، ومقتضى ذلك أن من أحب أن تشيع أي فاحشة في أي مؤمن فهو كما قال الله - سبحانه - من غير فرق بين فاحشة وغيرها. انتهى.

أقول: الآية المشار إليها هي قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، والفاحشة في القاموس (٣): الفاحشة الزنى وما يشتد قبحه من الذنوب، كل ما نهى الله عنه.

إذا عرفت هذا فمن احتج بهذه الآية على أنه يحد قاذف الرجل فقد غلط من وجوه:

لأن المحكوم في هذه الآية ليس حد القذف، ولا المحكوم عليه القاذف، بل المحكوم به أعم


(١) تقدم ذكره.
وانظر: " البحر المحيط " (٣/ ١٩٥ - ١٩٦)، " إرشاد الفحول " (ص ٤٥٤).
(٢) [النور: ١٩].
(٣) (ص ٧٤٤).