للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلم والكافر، والمؤمن والفاسق [٢ب]، بخلاف النقيصة في شأن الرجل، هذا بعد تسليم اندفاع ما ذكر الجلال، والفرق أيضًا بين النقيصتين ضروري، فإن الرجل يجد من نفسه عند أن تزني ابنته ما لا يجده عند أن يزني ولده، وهذا أمر عام فعرفت عن هذا ما في قول شيخنا - دامت إفادته - أقول: قد عرفت أنه لم يأت بشيء يصلح للفرق ... إلخ.

نعم. وقول الجلال (١) رحمه الله: وأما الرجال فلم يكونوا يرون به بأسا بل وربما كانوا يشببون أشعارهم به فخرا كما قال رئيسهم امرؤ القيس (٢):

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول

انتهى كلام اتصل بالمسألة فذكر لإفادة معناه، فإنه علل حد القذف بالنقيصة اللاحقة للعرب من جهة زنا النساء استشعر سؤالا عن حال زنى الرجال، هل فيه عندهم النقيصة التي تلحق بزنى المرأة؟ فأجابه بقوله: وأما الرجال ... إلخ.

ولا يريد إلا أهل الجاهلية، فدل على ذلك قوله: هل كانوا يشببون (٣) .... إلخ. فإن أهل الإسلام ليسوا بتلك المثابة. وأما ما وقع من معاوية فلأن زنى أبي سفيان وقع في الجاهلية، فلا يؤخذ منه أن الجلال يريد أن ذلك الأمر كان في الإسلام.

وإذا عرفت أن ما ذكر الجلال ليس للاحتجاج به، بل لإفادة معناه فلا يقال عليه: فما لنا ولهم فقد كانوا ... إلخ.

فإنا لو سوغنا أن هذا الكلام قادح فيما نقل الجلال لسددنا باب رواية أخبار العرب ووقائعها وأشعارها، ولقيل لمن أتى بشيء من ذلك: فما لنا وللعرب! فقد كان لهم أخبار ووقائع وأشعار.

قال شيخنا - دامت إفادته -: وهذا قياس لا مطعن فيه، ولا يرد على شيء من


(١) في ضوء النهار (٤/ ٢٢٧١).
(٢) انظر " ديوان امرئ القيس " (ص ١١٣)، وقد تقدم معناه.
(٣) كلام الجلال في " ضوء النهار " (٤/ ٢٢٧١).