للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في إثباتها من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين (١) لا يفيد المدعى؛ لأن ظاهر صيغة الخلفاء الاستغراق.

على أنا لو جعلنا اللام للعهد الذهني لكان المأمور به لزوم سنة خلفاء غير معينين، فيكون من تكليف ما لا يطاق، وإن كان ذلك البعض معينا فإن كان الأربعة فقد ادعى بعض العلماء أن إجماعهم حجة، واحتجوا بالحديث المتقدم، وقد صححه الحاكم (٢)، وقال على شرط الشيخين، وأجيب عنهم بأن صيغة الخلفاء لا تخصهم باعتبار الوضع، ولا قرينة ترشد إلى أنهم المراد منها.

ومما يؤنس ببطلان هذه الدعوى وقوع الخلاف من أعلام الصحابة كابن عباس، وابن مسعود للأربعة، ولم ينكر عليهم، على أنا لو سلمنا أنهم المراد من الصيغة كان الدليل دافعا للمدعى؛ لأن سنة الخلفاء عدم الأخذ بأقوال الرجال، والمدعي وجوب الأخذ بقول هؤلاء الأربعة وإن كان العمرين ففيه نحو ما تقدم، وقد ذهب قوم (٣) إلى أن إجماعهما


(١) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه: ذهب الجمهور إلى أن إجماع الخلفاء ليس بحجة لأنهم بعض من الأمة وذهب بعض أهل العلم إلى أنه حجة لما ورد ما يفيد ذلك كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... "، وحديث: " اقتدوا بالذين من بعدي ".
قال الشوكاني في " إرشاد الفحول " (ص ٣٠٨): وأجيب بأن في الحديثين دليلا على أنهم أهل للاقتداء بهم لا على أن قولهم حجة على غيرهم، فإن المجتهد متعبد بالبحث عن الدليل حتى يظهر له ما يظنه حقا ولو كان مثل ذلك لا يفيد حجية قول الخلفاء أو بعضهم لكان حديث رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد يفيد حجية قوله.
انظر " الكوكب المنير " (٢/ ٢٣٩)، " جمع الجوامع " (٢/ ١٧٩).
إذا إجماع الخلفاء الأربعة ليس بحجة.
" المسودة " (ص ٣٢٩).
(٢) في " المستدرك " (١/ ٩٥ - ٩٧) وقد تقدم.
(٣) تقدم ذكره.
انظر " إرشاد الفحول " (ص ٣٠٨).