للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السند إلا إذا كان متساويا، وتكلم السامع بما هو معروف من التقسيم، فكيف قال تلميذنا - عافاه الله -: إن كبرى هذا الشكل مقررة في علم المناظرة! وقد علم أن أهل علم المنطق متفقون على اشتراط كلية الكبرى! وقد بطلت كليتها هاهنا باتفاق أهل العلم الذي نسب تقرير ذلك إليهم.

فإن قلت: قد أوضحت بطلان ما ذكره من صحة ذلك الشكل فأين لي كون هذا السند الذي وقع الكلام عليه على دعواه مساويا للمنع.

قلت: المنع متوجه إلى الإجماع الذي نقله المستدل، فالمانع طلب الدليل على مقدمة دليل الإجماع، فإذا كان قوله: لأن نقل الإجماع لا يصح سندا للمنع فإبطاله لا يكون إلا بإثبات الصحة، فكان الكلام الواقع على ذلك الزاعم كلاما على السند المساوي، ولو سلم أنه أعم لم يكن عمومه مانعا للكلام عليه، فإنه قد جوزوا الكلام على السند الأعم في ما لم يذكروه؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن مجامعا للمقدمة الممنوعة تحقيقا لمعنى العموم، والكلام معروف في كتب الفن، هذا على فرض صحة ما ذكره تلميذنا - عافاه الله - من كون ذلك الكلام منا كلاما على السند، وأما عند التحقيق فليس ذلك الكلام الذي تكلمنا عليه من الباب الذي ظنه تلميذنا - كثر الله فوائده - فإن الجلال (١) قال في عنوان تحته هكذا: وأما جلد قاذف المحصن فلا تنتهض عليه الآية؛ لأن جمع المؤنث لا يطلق على جمع المذكر ... إلخ.

وكل عارف بالفن يعلم أن هذا الكلام [٢أ] من باب النقض للدليل بشاهد لا من باب المنع وسنده؛ لأنه كلام على فساد الدليل، وكل كلام على فساد الدليل نقض، فهذا نقض، أما الكبرى فإطباق أهل الفن على ذلك، ومن لم يقبل هذا منع النقل حتى يثبته، وأما الصغرى فظاهره، ثم قال الجلال بعد هذا: وربما يدعي الإجماع، وفي نفسه منه شيء؛ لأن نقل الإجماع لا يصح، وهذا الكلام على ما فيه من عوج وسقوط هو


(١) في " ضوء النهار " (٤/ ٢٢٧٠).