للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلاط به (١)، والمطلوب تتميم بحثه الذي كتبنا عليه هذه الكلمات بالكلام على ذلك فلعله يجد للجلال في ذلك مخرجا، ويفتح له في سماء ذلك السؤال معرجا.

وإلى هنا انتهى شوط القلم، والحمد لله، وأستغفر الله إن كان في هذه المباحثة شيء من الجدل المنهي (٢) عنه ولا نشعر به [٦ب].


(١) قال ابن قدامة في المغني (١٢/ ٣٨٩ - ٣٩٠): وفي هذه المسألة فصلان:
أحدهما: أن من قذف رجلا بعمل قوم لوط، إما فاعلا وإما مفعولا، فعليه حد القذف وبه قال الحسن والشافعي والنخعي والزهري، ومالك وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن وأبو ثور.
قال عطاء وقتادة وأبو حنيفة: لا حد عليه لأنه قذف بما لا يوجب الحد عنده.
قال ابن قدامة: وعندنا هو موجب للحد.
ثانيهما: أنه إذا قال: أردت أنك من قوم لوط، فاختلفت الرواية عن أحمد فروى عنه جماعة أنه يجب عليه الحد بقوله: يا لوطي ولا يسمع تفسيره بما يحيل القذف وهذا اختيار أبي بكر. ونحوه قال الزهري، ومالك وفي الرواية الثانية أنه لا حد عليه نقلها المروزي ونحو هذا قال الحسن والنخعي، قال الحسن: إذا قال: نويت أن دينه دين لوط فلا حد عليه، وإن قال: أردت أنه يعمل عمل قوم لوط فعليه الحد.
ووجه ذلك أنه فسر كلامه بما لا يوجب الحد، فلم يجب عليه حد، كما لو فسر به متصلا بكلامه، وروي عن أحمد رواية ثالثة أنه إذا كان في غضب قال: إنه لأهل أن يقام عليه الحد لأن قرينة الغضب تدل على إرادة القذف، بخلاف حال الرضا.
والصحيح في المذهب الرواية الأولى: لأن هذه الكلمة لا يفهم منها إلا القذف بعمل قوم لوط. فكانت صريحة فيه، كقوله: يا زاني، ولأن قوم لوط لم يبق منهم أحد، فلا يحتمل أن ينسب إليهم.
(٢) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة، ومن تركه وهو محق بني له في وسطها، ومن حسن خلقه بني له في أعلاها ".
أخرجه أبو داود رقم (٤٨٠٠) والترمذي رقم (١٩٩٣) وابن ماجه رقم (٥١) وهو حديث صحيح. والله أعلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ".
وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم (٧١٨٨) ومسلم رقم (٢٦٦٨).
قال ابن عقيل في " الواضح ": وكل جدل لم يكن الغرض منه نصرة الحق، فإنه وبال على صاحبه، والمضرة فيه أكثر من المنفعة، لأن المخالفة توحش ولولا ما يلزم من إنكار الباطل واستنقاذ الهالك بالاجتهاد في رده عن ضلالته لما حسنت المجادلة للإيحاش فيها غالبا.
ولكن فيها أعظم المنفعة إذا قصد بها نصرة الحق، والتقوي على الاجتهاد، ونعوذ بالله من قصد المغالبة ... "
انظر " الكوكب المنير " (٤/ ٣٧٠)، " الفقيه والمتفقه " (٢/ ٢٥).