للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يترجح لديه، والرجوع إلى ما رجع إليه.

وهاأنا سأوضح ذلك معقبا لكل ما أورده، مما ظنه دليلا على محل النزاع، وسميت هذا البحث " إقناع الباحث بدفع ما ظنه دليلا على جواز الوصية للوارث ".

فأقول: أما ما عول عليه ابتداء من أن حديث: " لا وصية لوارث " (١) لما كان في


(١) حديث: " لا وصية لوارث " حديث صحيح وقد جاء عن جمع من الصحابة منهم: أبو أمامة عمرو بن خارجة، أنس بن مالك، عبد الله بن عباس، جابر بن عبد الله، علي بن أبي طالب، عبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الله بن عمر، معقل بن يسار، زيد بن أرقم مع البراء بن عازب، ومجاهد مرسلا.
* أما حديث أبي أمامة:
فقد أخرجه أحمد في " المسند " (٥/ ٢٦٧) وأبو داود رقم (٢٨٧٠) والترمذي رقم (٢١٢٠) وابن ماجه رقم (٢٧١٣) والطيالسي (٢/ ١١٧ رقم ٢٤٠٧ - منحة المعبود) والدولابي في " الكنى " (١/ ٦٤) والبيهقي في " السنن الكبرى " (٦/ ٢٦٤) كلهم من رواية إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في خطبته عام حجة الوداع: " إن الله تبارك وتعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ... " الحديث.
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قلت: إسماعيل بن عياش صدوق في أهل بلده، وشيخه شرحبيل بن مسلم شامي.
وأورد الألباني في " الإرواء " (٦/ ٨٨) لهذا الحديث طريق أخرى عن سليم بن عامر وغيره عن أبي أمامة وقال صحيح على شرط مسلم.
وهذه الطريق أخرجها ابن الجارود في " المنتقى " رقم (٩٤٩) ورجال إسناده ثقات.
* وأما حديث عمرو بن خارجة:
فقد أخرجه أحمد (٤/ ١٨٦، ١٨٧) والترمذي رقم (١١٢١) والنسائي (٦/ ٢٤٧) وابن ماجه رقم (٢٧١٢) والطيالسي في " المسند " رقم (١٢١٧) والدارمي في " السنن " (٢/ ٤١٩) والبيهقي في " السنن الكبرى " (٦/ ٢٦٤) كلهم من رواية شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم، عن عمرو بن خارجة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب على ناقته وأنا تحت جرانها وإن لعابها يسيل بين كتفي فسمعته يقول: " إن الله عز وجل أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ... " الحديث.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قال الألباني في " الإرواء " (٦/ ٨٩): قلت: لعل تصحيحه من أجل شواهده الكثيرة، وإلا فإن شهر بن حوشب ضعيف لسوء حفظه ".
* وأما حديث أنس بن مالك:
فقد أخرجه ابن ماجه رقم (٢٧١٤) والدارقطني (٤/ ٧٠) والبيهقي (٦/ ٢٦٤ - ٢٦٥) من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد عن جابر بن سعيد بن أبي سعيد أنه حدثه عن أنس بن مالك قال: إني لتحت ناقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسيل علي لعابها فسمعته يقول: " إن الله أعطى لكل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث ".
قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " (٨/ ٣٦٨): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه الدارقطني في سننه من طريق عبد الرحمن بن يزيد به ورواه البيهقي في " السنن الكبرى " من طريق الدارقطني فذكره .... "
وقال ابن التركماني في " الجوهر النقي " (٦/ ٢٦٥) هذا إسناد جيد. وفي التعليق الغني على الدارقطني قال صاحب " التنقيح ": " حديث أنس هذا ذكره ابن عساكر، وكذا الشيخ المزي في الأطراف في ترجمة سعيد المقبري وهو خطأ وإنما هو الساحلي، ولا يحتج به، هكذا رواه الوليد بن مزيد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سعيد بن أبي سعيد شيخ بالساحل، قال رجل من أهل المدينة فذكر الحديث " ا هـ.
والنظر: " إرواء الغليل " (٦/ ٩٠).
* وأما حديث عبد الله بن عباس:
فقد أخرجه الدارقطني في سننه (٤/ ٩٧) وأبو داود في " المراسيل " رقم (٣٤٩) والبيهقي في " السنن الكبرى " (٦/ ٢٦٣) من طريق عن حجاج الأعور عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس مرفوعا: " لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ".
قال أبو داود في " المراسيل " عقب الحديث: عطاء الخراساني لم يدرك ابن عباس ولم يره.
وقال الحافظ في " التلخيص ": (٣/ ٩٢) ووصله يونس بن راشد فقال عن عكرمة، عن ابن عباس، أخرجه الدارقطني (٤/ ٩٨) والمعروف المرسل.
* وأما حديث جابر بن عبد الله:
فقد أخرجه الدارقطني في " السنن " (٤/ ٩٧) من طريق فضل بن سهل عن إسحاق بن إبراهيم الهروي عن سفيان عن عمرو بن دينار، عن جابر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " لا وصية لوارث ".
وأخرجه ابن عدي في " الكامل " (١/ ٢٠٢) عن أحمد بن محمد بن صاعد عن أبي موسى الهروي عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر به.
وقال الزيلعي في " نصب الراية " (٤/ ٤٠٤) وأعله بأحمد - بن محمد بن صاعد - هذا، وقال: هو أخو يحيى بن محمد بن صاعد، وأكبر منه وأقدم موتا وهو ضعيف.
قال الألباني في " الإرواء " (٦/ ٩٢): " قلت: قد تابعه فضل بن سهل عند الدارقطني، وهو ثقة محتج به، في الصحيحين فبرأه من ذمة أحمد بن صاعد. وبقية الرجال ثقات. ورجال الشيخين غير إسحاق بن إبراهيم أبي موسى الهروي وهو ثقة. قال الذهبي في " الميزان " (١/ ١٧٨) وثقه ابن معين وغيره ... وأثنى عليه الإمام أحمد كما في " لسان الميزان " (١/ ٣٤٥).
وانظر بقية الكلام على الحديث في " الإرواء " (٦/ ٩٢ - ٩٣).
* وأما حديث علي بن أبي طالب:
فقد أخرجه الدارقطني في " السنن " (٤/ ٩٧) والبيهقي في " السنن الكبرى " (٦/ ٢٦٧) والخطيب في " الموضح " (٢/ ١٦٧) وابن عدي (٧/ ٢٦٤٨) عن يحيى بن أبي أنيسة الجزري عن أبي إسحاق الهمداني عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب مرفوعا: " الدين قبل الوصية، وليس لوارث وصية " بسند ضعيف جدا.
يحيى هذا قال عنه الإمام أحمد: متروك الحديث.
انظر: " بحر الدم " (٤٥٦ رقم ١١٣٢) و" التقريب " (٢/ ٣٤٣) و" المغني في الضعفاء " (٢/ ٧٣١) و" ميزان الاعتدال " (٤/ ٣٦٤).
وأخرج ابن عدي في " الكامل " (٧/ ٢٥١١) من طريق ناصح بن عبد الله الكوفي عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي به.
وقال الزيلعي في " نصب الراية " (٤/ ٤٠٥): وأسند - ابن عدي - تضعيف ناصح هذا عن النسائي ومشاه هو وقال: إنه كان مما يكتب حديثه ".
قلت: لكن الحارث الأعور ضعيف. انظر: " الإرواء " (٦/ ٩٤).
* وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:
فقد أخرجه ابن عدي في " الكامل " (٢/ ٨١٧) من طريق حبيب المعلم مرفوعًا بلفظ: " لا تجوز وصية لوارث والولد للفراش وللعاهر الحجر ".
وأخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٩٨ رقم ٩٣) من طريق حبيب بن الشهيد مرفوعًا بلفظ: " لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة ". كلاهما عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
أما طريق ابن عدي فهو حسن الإسناد، كما حققه الذهبي في " الميزان " (٣/ ٢٦٣ - ٢٦٨).
أما طريق الدارقطني ففيه سهل بن عمار، كذبه الحاكم كما في " الميزان " (٢/ ٢٤٠).
وقال الحافظ في " التلخيص " (٣/ ٩٢) إسناده واه.
* وأما حديث عبد الله بن عمر:
فقد أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (٧/ ٢٨١) من طريق ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن ابن عمر موقوفا: " لا تجوز الوصية للوارث ". وسنده حسن.
* وأما حديث معقل بن يسار:
فقد أخرجه ابن عدي في " الكامل " (٥/ ١٨٥٣) في ترجمة علي بن الحسن بن يعمر السامي بلفظ: " لا وصية لوارث ".
وقال ابن عدي عقب الحديث: " وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد ".
* وأما حديث زيد بن أرقم والبراء:
فقد أخرجه ابن عدي في " الكامل " (٦/ ٢٣٤٩) في ترجمة موسى بن عثمان الحضرمي بلفظ: " ليس لوارث وصية ". وسنده ضعيف جدا.
* وأما مرسل مجاهد:
فقد أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (٦/ ٢٦٤) بسند صحيح.
والخلاصة أن الحديث صحيح بل متواتر.
انظر: " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " للكتاني (ص ١٠٨ - ١٠٩).