للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا بمطابقة، وتضمن، ولا التزام؛ فإنه كما تسبب عن إعطاء كل ذي حق حقه عدم وجوب الوصية لمن قد أعطي حقه بحكم الله، كذلك يتسبب عدم بذلها؛ لأن من قد استولى عليه بحكم الله تعالى هو بحق له بحكم الله تعالى، وقد تقرر في كليات هذه الشريعة المطهرة أن المجاورة لحكم الله تعالى غير جائزة إلا بدليل على الجواز، فأول الحديث وآخره [١ب] يستفاد من مجموعهما عدم الجواز، فضلا عن عدم الندب، ولا يخفاك أن تجويز الوصية للوارث، بل دعوى ندبها بمثل هذا مدفوع.

هذا مع قطع النظر عما يستفاد من عموم قوله: " لا وصية لوارث "؛ فإنه نكرة في سياق النفي (١)، وهو من صيغ العموم (٢) بلا خلاف بين محققي الأصول والبيان، وهذا العموم كما ينفي وجوب الوصية للوارث ينفي ندبها، بل ينفي جوازها، لأن المقدار إن كان عاما نحو: لا تجوز وصية لوارث، أو لا تحل، أو لا تشرع، أو لا تثبت كان هذا المقدر العام، والمعلق الشامل، والمقتضي المستغرق موافقا لما دل عليه الكلام من العموم المتفق عليه، وليس هذا من باب عموم المقتضي، بل من باب تقدير المعلق العام المطابق لأصل الكلام.

وأما لو قدر خاصا نحو: لا ندب، أو لا وجوب فهذا المقتضي الخاص مفتقر إلى دليل يدل عليه، ولا تقبل دعوى من يدعيه إلا ببرهان، ولا برهان هنا إلا ما زعمه من دلالة السياق والاقتران، وهو كما عرفت يدلان على خلاف ما زعمه دلالة بينة، ولما كان ما ذكرناه في غاية الظهور، ونهاية الجلاء بادر - رحمه الله - إلى تسليمه بعد كلامه السابق فقال: فصل: إن قلب قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " لا وصية لوارث " هو من ألفاظ العموم ... إلى آخر كلامه في هذا الفصل، ثم لم يدفعه إلا بأن قال: قلب


(١) نعم النكرة في سياق النفي والنهي تفيد العموم.
" إرشاد الفحول " (ص ٤٠٩ - ٤١٠)، " اللمع " (ص ١٥).
(٢) انظر " البحر المحيط " (٣/ ١١٠ - ١١١). " نهاية السول " (٢/ ٨٠).