للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الورثة " (١) معللا دلالة ذلك على محل النزاع بأن الاستثناء منقطع.

ولا يخفاك أن هذا الاستثناء يؤكد دلالة هذا الحديث على عدم جواز الوصية لوارث ويؤيدها، لأنه قد أفاد عدم نفوذ الوصية للوارث إلا بمشيئة الورثة، فأفاد ذلك عدم نفوذها بعد المشيئة.

وأما دعواه - رحمه الله - بأنه إخراج من الإيجاب أي: لا تجب الوصية للوارث إلا أن يشاء الورثة، فهذا لا دلالة للاستثناء عليه، سواء كان الاستثناء متصلا (٢)، أو منقطعا كما لا يخفى.

هذا خلاصة ما عول عليه - رحمه الله - في تلك الرسالة، ولا يخفاك أنه لا يدل على مقصوده لا بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام، بل كان كل ما أورده فهو دليل عليه لا له كما عرفت مما أسلفنا، واعلم أنه - رحمه الله - قد أورد في رسالته هذه قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لأبي طلحة لما قاله له: إن أنفس أموالي إلي بريحاء، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال: " تصدق بها على ذوي قرابتك " (٣) وهذا أجنبي عن محل النزاع، لأنه في الصدقة في حال الحياة والصحة، ومحل النزاع في الوصية المضافة إلى بعد الموت، فإن الله قد أعطى كل ذي حق حقه بالموت فلا وصية لوارث.

وأما حال الصحة والحياة بالصدقة على [٣أ] الأقارب فهذا من باب الصلة للأرحام التي ورد الترغيب فيها كتابا (٤) ...................


(١) أخرجه الدارقطني (٤/ ٥٢ رقم ٩، ١١) بلفظ: "لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة" وبلفظ: "لا يجوز لوارث الوصية إلا أن يشاء الورثة". وهو حديث حسن.
(٢) انظر شروط صحة الاستثناء في "إرشاد الفحول" (ص ٤٩٣ - ٤٩٦)، "المحصول" (٣/ ٢٧ - ٢٨)، "المسودة" (ص ١٥٣).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (١٤٦١، ٢٧٥٢، ٢٧٥٨، ٢٧٦٩، ٤٥٥٤، ٤٥٥٥، ٥٣١٨، ٥٦١١)، ومسلم رقم (٩٩٨).
(٤) منها قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: ٩٢].