للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رمضان (١).

قلت: هذا خصه الدليل، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يرغب في صومه (٢) بعد نسخه، فمتى سمعت أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يرغب في الوصية للوارث بعد نسخها؟ على أن بين الموضعين فرقا، فإن الجمع بين الناسخ والمنسوخ في الوصية للوارث يستلزم الإضرار بغير من وقعت له الوصية من الورثة، وتقليل نصيبه المفروض له، ودفعه عن بعض ما أوجب له، وهذا قد ورد منعه في الشريعة المطهرة بمثل قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} (٣)، وبقوله:


(١) روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صام عاشوراء وأمر بصيامه".
أخرجه البخاري رقم (٢٠٠٤) ومسلم رقم (١٢٨/ ١١٣٠) وأبو داود رقم (٢٤٤٤) وابن ماجه رقم (١٧٣٤).
وروت عائشة رضي الله عنها قالت: لما قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة صام عاشوراء وأمر صيامه فلما نزلت فريضة رمضان ترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء أفطره.
وهو حديث صحيح. أخرجه البخاري رقم (١٥٩٢ وأطرافه رقم ١٨٩٣، ٢٠٠١، ٢٠٠٢، ٣٨٣١، ٤٥٠٢، ٤٥٠٤) ومسلم (٢/ ٧٩٢ رقم ١١٣، ١١٤، ١١٥، ١١٦/ ١١٢٥).
ومالك في "الموطأ" (١/ ٢٩٩ رقم ٣٣) وأبو داود رقم (٢٤٤٢) والترمذي رقم (٧٥٣).
انظر: "الاعتبار" للحازمي (ص ٣٤٠. "المجموع" للنووي (٦/ ٣٨٢ - ٣٨٤).
(٢) منها ما أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (١٩٧/ ١١٦٢) وابن ماجه رقم (١٧٣٨) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية".
ومنها ما أخرجه مسلم رقم (١١٣٢) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: "ما علمت أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صام يومًا يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهرًا إلا هذا الشهر، يعني رمضان".
وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٠٠٦) عن ابن عباس قال: ما رأيت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء وهذا الشهر يعني شهر رمضان.
(٣) [النساء: ١٢].