للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسر صاحب الكشاف (١) الجنف بالميل عن الحق بالخطأ في الوصية، وفسر قوله: فأصلح بينهم، بإجرائهم على طريق الشرع، ثم قال: لأن تبديله تبديل باطل إلى حق وبلا ريب أن رد وصية الضرار إلى منهج الشرع لا يكون إلا بإبطالها ومحو أثرها، وإزالة رسمها , والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الواردة بمنع الضرار عموما وخصوصا أكثر من أن تحصى، فإن قيل: إن حديث أبي أمامة عند البيهقي (٢) والدراقطني (٣) بلفظ: " إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم، لتجعل لكم زكاة في أموالكم " وكذلك حديث أبي الدرداء عند أحمد (٤) بنحوه، وكذلك حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (٥) والبزار (٦) والبيهقي (٧) بنحوه، وكذلك حديث أبي بكر الصديق عند العقيلي في تاريخ الضعفاء (٨) بنحوه، تدل على أن


(١) أي الزمخشري في "الكشاف" (١/ ٢٧٨).
(٢) عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص" (٣/ ١٩٤) وفي إسناده إسماعيل بن عياش وشيخه بن حميد وهما ضعيفان.
(٣) في "السنن" (٤/ ١٥٠).
(٤) في "المسند" (٦/ ٤٤٠ - ٤٤١).
وأورده الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢١٢) وقال: "فيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط".
وأخرجه البزار في مسنده (٢/ ١٣٩ رقم ١٣٨٢ - كشف).
وقال البزار: "وقد روي هذا الحديث من غير وجه، وأعلى من رواه أبو الدرداء ولا نعلم عن أبي الدرداء طريقًا غيره، وأبو بكر بن أبي مريم وضمره معروفان وقد احتمل حديثهما".
(٥) في "السنن" رقم (٢٧٠٩).
(٦) عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص" (٣/ ٩١ رقم ١٣٦٣).
(٧) في "السنن" (٦/ ٢٦٩).
وفي سنده "طلحة بن عمرو" متروك كما في "التقريب" (١/ ٣٧٩ رقم ٣٧) وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٢/ ٩٨ رقم ٩٦٢): "هذا إسناد ضعيف .. ".
(٨) (١/ ٢٧٥).
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٢/ ٧٩٤) وفيه: حفص بن عمر بن ميمون: متروك.
قال العقلي: "وحفص بن عمر هذا يحدث عن شعبة، ومسعر، ومالك بن مغول والأئمة بالبواطيل".
وقال ابن عدي: "وحفص هذا عامة حديثه غير محفوظ، وأخاف أن يكون ضعيفًا كما ذكره النسائي".
قلت: وأخرجه الدارقطني (٤/ ١٥٠ رقم ٣) والطبراني كما في "المجمع" (٤/ ٢١٢) وقال الهيثمي: "وفيه عتبة بن حميد الضبي، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه أحمد".
وهو من حديث معاذ بن جبل.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد" (٤/ ٢١٢) من حديث خالد بن عبيد السلمي وقال: إسناده حسن وليس كما قال.
وقال المحدث الألباني في "الإرواء" (٦/ ٧٩): بعد ما أورد طرق الحديث: وخلاصة القول: إن جميع طرق الحديث ضعيفة شديدة الضعف إلا الطريق الثانية- من حديث أبي الدرداء- والثالثة- من حديث معاذ بن جبل- والخامسة- من حديث خالد بن عبد السلمي- فإن ضعفها يسير.
ولذلك فإني أرى أن الحديث بمجموع هذه الطرق الثلاث يرتقي إلى درجة الحسن وسائر الطرق إن لم تزده قوة، لم تضره، وقد أشار إلى هذا القول الحافظ في "بلوغ المرام" فقال: رواه الدارقطني يعني عن معاذ، وأحمد. والبزار عن أبي الدرداء، وابن ماجه عن أبي هريرة وكلها ضعيفة لكن يقوي بعضها بعضًا.