للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضرار (١)، ومن الطاعة للمخلوق في معصية الخالق، وقد ثبت عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في دواوين الإسلام أنه قال: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (٢) ومن ترك إنكار المنكر؛ وقد تواترت أحاديث الأمر به , والنهي عن تركه.

وبهذا يتبين أن الوصية التي لا يراد بها وجه الله، بل المضارة للوارث، وإحرامه ما فرضه الله له باطلة من غير فرق بين أن يكون بالثلث، أو بما دونه، أو بما فوقه، فإذا قامت البينة العادلة على إقرار الموصي بما يدل على ذلك فوصيته مردودة، هذا حكم الله، ومن أحسن من الله حكما [٣].


(١) قال ابن كثير في تفسيره (١/ ٤٩٥): قوله: " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " قال ابن عباس، وأبو العالية، ومجاهد، والضحاك، والربيع بن أنس، والسدي: الجنف: الخطأ، وهذا يشمل أنواع الخطأ كلها، بان زاد وارثًا بواسطة أو وسيلة، كما إذا أوصى ببيعه الشيء الفلاني محاباة، أو أوصى لابن ابنته ليزيدها، أو نحوها ذلك من الوسائل، إما مخطئًا غير عامد، بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر أو متعمدًا آثمًا في ذلك، فللوصي- والحال هذه- أن يصلح القضية ويعدل في الوصية على الوجه الشرعي. ويعدل عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به، جمعًا بين مقصود الموصي والطريق الشرعي، وهذا الإصلاح والتوفيق ليس من التبديل في شيء ولهذا عطف هذا فنبه على النهي لذلك، ليعلم أن هذا ليس من ذلك السبيل ..
وقال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ٢٧٠) قوله: " فمن خاف " لجميع المسلمين. قيل لهم: إن خفتم من موص ميلاً في الوصية وعدولاً عن الحق ووقوعًا في إثم ولم يخرجها المعروف، وذلك بأن يوصي بالمال إلى زوج ابنته أو لولد ابنته لينصرف المال إلى ابنته، أو ابن ابنه والغرض أن ينصرف المال إلى ابنه، أو أوصى لبعيد وترك القريب، فبادروا إلى السعي في الإصلاح بينهم، فإذا وقع الإصلاح سقط الإثم عن المصلح، والإصلاح فرض كفاية، فإذا قام أحدهم به سقط عن الباقين، وإن لم يفعلوا أثم الكل.
وقال الشوكاني في "فتح القدير" (١/ ٢٤٦): قوله: (فأصلح بينهم) أي أصلح ما وقع بين الورثة من الشقاق والاضطرار بسبب الوصية، بإبطال ما فيه ضرار ومخالفة لما شرعه الله، وإثبات ما هو حق كالوصية في قربة لغير وارث.
(٢) تقدم تخريجه.