للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأدلة، وعلى كلام الأئمة؛ لأن عدم اشتراط القرابة إنما يدل على جوازها مع عدمها كالوصية المباحة، أو بالمباح لا جوازها مع وجود المعصية، كأن تكون هي معصية بنفسها أو تؤول إلى المعصية؛ فإنها غير صحيحة، ولا جائزة، وقد تقدم ما يدل على أن ذلك إجماع، وهذا لا يخفى على من له أدنى إلمام بعلم الفروع، فإنه قد صرح في الأزهار (١) الذي هو مدرس صغار الطلبة أنه يجب امتثال ما ذكر (٢)، أو عرف من قصده ما لم يكن محظورا (٣)، يعني فلا يجب امتثاله، بل لا يجوز، لأن تنفيذه وتصحيحه من المعاونة على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى:} وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {(٤) فهذا النهي القرآني يدل على تحريم تنفيذ الوصية المشتملة على ....................................


(١) (٣/ ٦٧٢ - ٦٧٣ مع السيل).
(٢) قال الشوكاني في "السيل الجرار" (٣/ ٦٧٣) تعليقًا على ذلك: "وجه هذا أن الميت إذا كانت وصيته تتضمن تخليصه من شيء واجب عليه فقد فعل بالوصية ما يجب عليه، وكان تنجيزها واجبًا على وصيته أو على وارثه أو على سائر المسلمين إن لم يكن ثم وصي ولا وارث والإمام والحاكم أولى بالمسلمين بالقيام بذلك والإلزام به لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
وإن كان الذي أوصى به الموصي من القرب التي ليست بواجبة عليه فقد فعل ذلك في ماله الذي أذن الله سبحانه له بالتصرف فيه فكيف يشاء وإنفاذ ذلك واجب على الوصي أو على الوارث أو على الإمام والحاكم، لأن في إهماله إهمالا لحق امرئ مسلم. وهو منكر يجب إنكاره. وما عرف من القصد فله حكم اللفظ إذ ليس المراد باللفظ إلا مجرد الدلالة على المعنى الذي يريده اللافظ. وقد حصلت هذه الدلالة بالقصد.
(٣) قال الشوكاني في "السيل" (٣/ ٦٧٣) أما قوله: "ما لم يكن محظورًا" فوجهه ظاهر لأن ذلك منكر وهو يجب دفعه على كل مسلم ومن دفعه ترك تنفيذه وعدم امتثال أمر الموصي بذلك.
(٤) [المائدة: ٢].