للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قطع النظر عن هذه الشريعة المحمدية، بل مع قطع النظر عن الشرائع المتقدمة على هذه الشريعة، فإنها متفقة على وجودهم، وكذلك أهلها متفقون على ذلك مقرون به كإقرار المسلمين، وهؤلاء اليهود والنصارى موجودون في كثير من البلاد الإسلامية قد لا يخلو عنهم قطر من الأقطار من أراد أن يعرف صدق ما ذكرناه فليسأل من له [نباهة] (١) منهم، بل جميع مشركي (٢) العرب مقرون بذلك لا خلاف فيه بينهم، وينقلون ما يسمعونه من الجن من الأشعار التي يصرخون بها بين أظهرهم، ومن الكلمات التي يسمعونها من الأوثان التي ينصبونها في ديرتهم، ويروي ذلك الآخر عن الأول، حتى وصلت إلى أهل الإسلام، ونقلوها في الكتب الإخبارية، والآيات القرآنية في إثبات وجودهم معلومة لا نطيل بذكرها، ولكنا هاهنا نذكر بعض ما ورد في السنة المطهرة (٣) حتى يعلم من وقف على هذا البحث أن المنكر لذلك منكر لقطعي بل ضروري ديني يحصل العلم بفرد من أفراد الأدلة الواردة فيه، فالمفكر إن كان يعلم بما في المصحف الشريف، وصمم على هذا الجهل المتبالغ فهو مستحق لما يستحقه من أنكر الشريعة المطهرة، ودفع ما فيها ورد ما جاءت به، وشهد على أنه بالإلحاد والمروق من دين الإسلام. وقد تضمن القرآن الكريم بيان ما خلقوا منه فضلا عن بيان وجودهم، قال الله


(١) في المخطوطة بنهاهة ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) قال صاحب "آكام المرجان في أحكام الجان" ص ٥: قال الشيخ أبو العباس ابن تيمية لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين وإن وجد فيهم من ينكر ذلك فكما يوجد في بعض طوائف المسلمين كالجهمية والمعتزلة من ينكر ذلك وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرون بذلك، وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء عليهم السلام تواترا معلوما بالاضطرار ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة مأمورون منهيون ليسوا صفات وأعراضا قائما بالإنسان أو غيره.
وانظر: "لقط المرجان" للسيوطي (ص ١٧).
(٣) في المخطوط المطهر، ولعل الصواب ما أثبتناه.