للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للإخوة لأم دون الإخوة لأبوين، وهو قول علي، وابن مسعود، وأبي موسى، والشعبي، وشريك، ويحيى بن آدم، وأحمد بن حنبل، وأبي حنيفة، وابن أبي ليلى، وأبي يوسف، ومحمد، وزفر، وأبي ثور، ونعيم بن حماد، وداود بن علي، واختاره ابن المنذر، وقال عمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، ومسروق، وشريح، ومالك، والشافعي، وإسحاق: أن الإخوة لأبوين والإخوة لأم يشتركون في الثلث قالوا: هب أن أباهم حمارا، وبهذا سميت هذه المسألة الحمارية (١).


(١) قال ابن قدامة في "المغني" (٩/ ٢٤ - ٢٥): وإذا كان زوج وأم وإخوة من أم وإخوة لأب وأم، فللزوج النصف وللأم السدس، وللإخوة من الأم الثلث، وسقط الإخوة من الأب والأم.
هذه المسألة تسمى المشركة، وكذلك كل مسألة اجتمع فيها زوج وأم أو جدة واثنان فصاعدًا من ولد الأم وعصبة من ولد الأبوين. وإنما سميت المشركة، لأن بعض أهل العلم شرك فيها بين ولد الأبويين وولد الأم في فرض ولد الأم. فقسمة بينهم بالسوية.
وتسمى الحمارية: لأنه يروى أن عمر رضي الله عنه، أسقط ولد الأبوين فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين هب أنا أبانا حمارًا أليست أمنا واحدة؟ فشرك بينهم.
ويقال: إن بعض الصحابة قال ذلك، فسميت الحمارية لذلك. واختلف فيها أهل العلم قديمًا وحديثًا.
* فذهب أحمد فيها إلى أن للزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة من الأم الثلث. وسقط الإخوة من الأبوين.
* ويروى عن عمر، وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنهم شركوا بين ولد الأبوين وولد الأم في الثلث. فقسموه بينهم بالسوية، للذكر مثل حظ الأنثيين، وبه قال مالك والشافعي رضي الله عنهما وإسحاق لأنهم ساووا ولد الأم في القرابة التي يرثون بها، فوجب أن يساووهم في الميراث، فإنهم جميعًا من ولد الأم، وقرابتهم من جهة الأب إن لم تزدهم قربًا واستحقاقًا فلا ينبغي أن تسقطهم. ولهذا قال بعض الصحابة أو بعض ولد الأبوين لعمر وقد أسقطهم: هب أن أباهم حمارًا، فما زادهم ذلك إلا قربًا. فشرك بينهم.
وحرر بعض أصحاب الشافعي فيها قياسًا فقال: فريضته جمعت ولد الأب والأم وولد الأم وهم من أهل الميراث فإذا ورث ولد الأم وجب أن يرث ولد الأب والأم، كما لو لم يكن فيها زوج.
قال ابن قدامة ولنا: قوله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل وحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) [النساء: ١٢].
ولا خلاف في أن المراد بهذه الآية ولد الأم على الخصوص، فمن شرك بينهم فلم يعط كل واحد منهم السدس فهو مخالفة لظاهر القرآن. ويلزم منه مخالفة لظاهر الآية الأخرى وهي قوله تعالى: (وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين) [النساء: ١٧٦]. يراد بهذه سائر الإخوة والأخوات، وهم يسوون بين ذكرهم وأنثاهم.
وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر". ومن شرك فلم يلحق الفرائض بأهلها.
ومن جهة المعنى أن ولد الأبوين عصبة لا فرض لهم وقد تم المال بالفروض فوجب أن يسقطوا، كما لو كان مكان ولد الأبوين ابنتان، وقد انعقد الإجماع على أنه لو كان في هذه المسألة واحد من ولد الأم، ومائة من ولد الأبوين، لكان للواحد السدس وللمائة السدس الباقي لكل واحد عشر عشرة، وإذا جاز أن يفضلهم الواحد هذا الفضل كله، لم لا يجوز لاثنتين إسقاطهم؟.
وأما قولهم: تساووا في قرابة الأم قلنا- ابن قدامة- فلم لم يساووهم في الميراث في هذه المسألة؟ وعلى أنا نقول: إن ساووهم في قرابة الأم فقد فارقوهم في كونهم عصبة من غير ذوي الفروض. فإن الشرع ورد بتقديم ذوي الفروض، وتأخير العصبة، ولذلك يقدم ولد الأم على ولد الأبوين في القدر في المسألة المذكورة وشبهها ولذلك يقدم- ولد الأم- وإن سقط ولد الأبوين كغيره.
وهو الرأي الراجح لدلالة الدليل الصحيح عليه.