للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أراهم إلا قد تواطؤا وأجمعوا على أن الكلالة من مات ليس له ولد ولا والد سموا القرابة كلالة؛ لأنهم أطاقوا بالميت من حواليه، وليسوا منه، ولا هم منهم، بخلاف الولد والوالد، فإنهما طرفان للرجل، فإذا ذهبا أطاق به سائر القرابة، وقال أبو عبيدة (١): الكلالة كل من لم يرثه أب أو ابن أو أخ. قال أبو عمر: ذكر أبي عبيدة الأخ هنا غلط لا وجه له، ولم يذكره في شرط الكلالة غيره، فعرفت اتفاق أهل اللغة على أن الكلالة من القرابة (٢) هم من عدا الوالد والوالد، وأن الإخوة لأبوين، أو لأحدهما كلالة، ولكن بعضهم من أهل الفرائض، وهم الإخوة لأم، وبعضهم ليسوا من أهل الفرائض، وهم الإخوة لأبوين أو لأب، فإن الله - سبحانه - لم يقدر ميراثهم بل قال:} لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {(٣). وعرفت إجماع أهل العلم على أن قوله تعالى:} وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ {(٤) هي في الإخوة لأم، فصح حينئذ الاستدلال بحديث: (ألحقوا الفرائض بأهلها) (٥) على أن الثلث الباقي بعد فرض الزوج والأم


(١) قال ابن منظور في "اللسان" (١٢/ ١٤٣). اختلف أهل العربية في تفسير الكلالة فروى المنذري بسنده عن أبي عبيدة.
(٢) عزاه في "لسان العرب" (١٢/ ١٤٣) للفراء.
وانظر: "مقاييس اللغة" (٥/ ١٢٢).
(٣) [النساء: ١١].
(٤) [النساء: ١٢].
(٥) تقدم تخريجه.
قال ابن قدامة في "المغني" (٩/ ٧): قال تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل وحد منهما السدس).
المراد بهذه الآية الأخ والأخت من الأم، بإجماع أهل العلم ..
والكلالة في قول الجمهور: من ليس له ولد، ولا والد، فشرط في توريثهم عدم الولد والوالد، والولد يشمل الذكر والأنثى، والوالد يشمل الأب والجد.
وممن ذهب إلى أنه يشترط في الكلالة عدم الولد والوالد، زيد، وابن عباس، وجابر بن زيد، والحسن، وقتادة، والنخعي وأهل المدينة والبصرة والكوفة.
وقال القرطبي في "جامع البيان" (٣/ ج-٤/ ٢٨٩): والصواب عندي أن الكلالة: الذين يرثون الميت من عدا ولده ووالده وذلك لصحة الخبر الذي ذكرنا عن جابر بن عبد الله أنه قال: قلت يا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما يرثني كلالة، أفأوصي بمالي كله؟ قال: "لا".