للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ورد من معانيه عند أهل اللغة ما فرضه الله، أي أوجبه، ومن معانيه الحكم الشرعي، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن الفرائض المذكورة في الحديث هو جميع ما هو مذكور في الكتاب والسنة، سواء كان مقدرا، أو غير مقدر، ومعنى إلحاقها تقديمهم على الترتيب الشرعي، والمراد بقوله: " وما بقي فلأولى رجل ذكر " (١) يعني ممن لم يذكر في الكتاب العزيز، كالعم، وابن العم، وإلا لزم تقديم أهل الفروض المقدرة على البنين وبني البنين، وهو باطل بالإجماع.

نعم. إن صح ما ذكره النووي في شرح مسلم (٢) أن حديث: " ألحقوا الفرائض بأهلها " يدل على أن الباقي بعد استيفاء أهل الفروض المقدرة للعصبات، وأن ذلك مجمع عليه كان الإجماع متمسكا للمستدلين بالحديث في مسألة السؤال.

فإن قلت: على فرض أنه لا يصح الاستدلال بالحديث على اختصاص الإخوة لأم بالثلث الباقي بعد فرض الزوج والأم مما هو الحق عندك من المذهبين المذكورين في مسألة السؤال.

قلت: قد دل قوله - سبحانه -: بقوله} وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ {(٣) مع انضمام الإجماع (٤) على أن المراد بالأخ والأخت أو أكثر منهما في هذه


(١) قال الحافظ في "فتح" (١٢/ ١١): في رواية الكشميهني (فلأولى) بفتح الهمزة واللام بينهما واو ساكنة أفعل تفضيل من الولي بسكون اللام وهو القرب أي لمن يكون أقرب في النسب إلى المورث، وليس المراد هنا الأحق، وقد حكى عياض أن رواية ابن الحذاء عن ابن هامان في مسلم (فهو الأدنى) بدال ونون وهي بمعنى الأقرب. قال الخطابي: المعنى أقرب رجل من العصبة.
(٢) (١١/ ٥٣): حيث قال: وقد أجمع المسلمون على أن ما بقي بعد الفروض فهو للعصبات يقدم الأقرب فالأقرب فلا يرث عاصب بعيد مع وجود قريب ..
(٣) [النساء: ١٢].
(٤) تقدم ذكره. وانظر: "المغني" (٩/ ٢١، ٢٥).