للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الورادَ في ميراث الأبوين والزوجين عامٌّ، والواردَ في ميراثِ غيرِهما مطلقُ فهذا هو التحكُّم البحْتُ، والتكلُّف الصِّرْفُ، وإن أراد أن الصيغَ الواردةَ في الجميع مطلقة، لكن التقييدَ في الأبوين والزوجين صار كالعامِّ من جهة كونِه مقيَّدًا فليس كل مقيَّد له حكم العامِّ، ولا يخالف في ذلك من له أدنى إلمام بعلمِ الأصولِ، بل من له أدنى إلمام باللغة العربية. ومع هذه فقد قررنا فيما سبق أنه لم يختصَّ بالتقييد ميراثُ الأبوينِ والزوجين فقط بل معَهم غيرهم كما عرفت، فالعلَّة موجودةٌ، والإلزام مشتركٌ.

وأما قوله على أنه لو كان عامًّا لوجب تخصيصه بفرضِ الأبوينِ والزوجينِ لأن الأقلَّ مقيَّدٌ بوجود الولدِ، والأكْثَرَ بعدم العولِ، فهو خاص في الأحوال، والخاصُّ مقدم على العامِّ كما عُلِمَ.

فأقول: قد تردد ميراثَ من عدا الأبوين والزوجينِ بين أن يكون مطلقًا أو عامًّا.

وأجاب على فرض العموم بأن ميراث الأبوين والزوجينِ خاصٌّ، والواجبُ بناء العام على الخاصِّ، ولا يخفى عليك أن هذه التفرقةَ بين الأبوين والزوجين وبين غيرهم إن كان من حيث الصيغُ الواردةُ في مواريثهم في القرآن الكريم أو السنة النبوية فممنوعٌ.

فإن من يعرفُ علم البيانِ والأصولِ يعلم أن الحكمَ على الصيغِ الواردةِ في ميراثِ الأبوين والزوجين بالتقييدِ أو التخصيص، وعلى الصيغِ الواردةِ في ميراث غيرهم بالإطلاقِ أو العمومِ باطلٌ لا يرجع إلا قاعدةٍ مقرَّرةٍ، ولا إلى قانون صحيح، بل مجازفةٌ محْضةٌ [٧ب]، وتحكُّم خالصٌ. وإن كانت هذه التفرقةُ من حيث كونُ ميراثِ الأبوينِ والزوجينِ مقيَّدينِ بتلك القيود، فميراث غيرِهما أيضًا مقيَّد بمثل تلك القيودِ. وإن كانت من حيث عدمُ السقوطِ بحال فميراثُ غيرِهم كذلك كالبنتِ.

وأما قوله: وإذا ثبت أنه لا عمومَ للمطلقِ فهو صادقٌ في ضمن مقيَّد ما وهو ما خلى عن مزاحمة فرض الأبوينِ والزوجين.

فأقول: هذا إنما يتمُّ بعد تسليم الإطلاقِ في ميراثًِ غير الأبوينِ والزوجينِ، والتقييدِ