للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ميراثهما. وقد عرفتَ أنه منقوضٌ على كل تقدير، وأنه قوله: وإلَّا لزم مخالفةً أصلينِ متفقٍ عليهما: أحدُهما أن الاجتهادَ إنما يصحُّ في مقابلةِ الظواهِر بتأويلها وتخصيصِها وتقييدها بالقياسِ ونحوِه.

وأما النصوص الصرائحُ التي لا تحتمل تخصيصًا ولا تقييدًا ولا تأويلًا فلا يصحُّ فيها الاجتهادُ.

فأقول: هذا يرد على القائلين بعدم ثبوت العول، وتقديم الزوجين والأبوين على سائر الورثة لا على القائلين بثبوت العول، وتقديم الزوجين والأبوين على سائر الورثة لا على القائلين بثبوت العول، وبيانه أن الله- سبحانه- جعل للبنتين الثلثينِ، وهذا نصٌّ صريحٌ. فاجتهد القائلون بعدم العولِ بأن الأب والأمِّ يأخذانِ الثلثَ كاملا، والزوجُ الربعَ كاملًا، ولم يجعلوا للبنتين إلا ثلثَ التَّركةِ ونصفَ سُدُسِهِا، وكذلك جعل الله للأختين الثلثين.

فقال النافون للعول: إن للزوج النصفَ وللأبوين الثلثَ وللأختين السدسَ، وهكذا في البنت الواحدة في المسألة الأولى فإنها أخذتْ دون ما فرضه الله لها وهو النصفُ بدون دليل، بل لمجرد اجتهادٍ في مقابلة النصوصِ الصريحةِ، وهكذا الأخت الواحدةُ في المسألة الثانية إذا انفردت عن أختها أخذتِ السدسَ وهو ثلثَ فَرْضِها، وهكذا الأخوانِ للأمِّ مع زوجٍ وأختٍ لأبوين، وغيرت هذهِ الصورِ كثيرٌ.

وستعرف ذلك عند الكلام على كل مسألةٍ من مسائلِ العولِ، فانظر بعين الإنصافِ أيّما أشد مخالفةً للنص هل مَنْ جعلَ الميراثَ [٨أ] لبعض الورثةِ، وأسقطَ البعضَ الآخَرَ مع كونهم جميعًا وارثينَ في تلك الفريضة بالنصوص الصحيحة، أم من قسمَ الميراث بينهم جميعًا لكل واحد منهم بمقدارِ فريضتِه؟ ولكنها لما تزاحمتْ وزادتْ فرائضُ الورثة على أجزاء التركةِ جعلوا لكلِّ ذي فرض من الورثةِ بمقدارِ نصيبِه من التركةِ، فإنه لا شكَّ ولا ريبَ أن المثبتين للعول أبعدُ لموافقةِ النصوصِ من النافينَ، لأن المثبتين أعملوا النصوصَ بحسب الإمكانِ، وبغاية الحرص على أن لا يقطعوا ميراثَ وارثٍ، ولا يفضِّلوا عليه غيْرَه بدون دليل.