للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما النافونَ فإنَّهم أعملوا بعضَ النصوص فوفَّروا ما فيها من الفرائض على أهلِها وطرحُوا النصوصَ الآخرةَ فنقصُوا أهلَها من بعض ما يستحقونه، أو من كلِّه بدون برهانٍ ولا قُرآنٍ، ولا عقلٍ ولا نقلٍ، فتأمل في هذا الأصل الأول الذي أورده الجلالُ على القائلينَ بالعول، حتى يتبينَ لك أنه أورد عليهم ما هو واردٌ عليه، عند من أنصفَ فإن القائلينَ بالعول إنما أعملوا النصوصَ ولم يهدُروا شيئًا منها، بل جمعوا بينَها بما يمكن عند التزاحُم، وزيادةِ أجزاء الفريضةِ على أجزاء التركةِ، بخلاف المانعينَ للعول، فإنهم أهدروا بعضَها إهدارًا ظاهرًا، وقدموا البعضَ وأخَّروا البعضَ بل دليل يدلُّ على ذلك، بل بمجرد رأي قد تبين فساده.

وأما قوله: وثانيها أن المقيَّد هو المقدَّمُ على المطلقِ. وقد عكس الأمرينِ من قال بالعول فأخرجَ السدسَ والربعَ والثمنَ ونحوَها التي هي نصوصٌ صريحةٌ لا تحتملُ غيرَ معنى واحد من معانيها، وقدَّم المطلقَ على المقيَّد مع أن دلالةَ المقيد على مدلوله أقوى من دلالة المطلق على ذلك المقيد، إن اتَّفقَ حكمُهما [٨ب] والقولُ بالعولِ قد زاغ عن الثبوتِ على جبال هذه القواعدِ الراسيةِ.

فأقول: لا شكَّ فيما ذكره من تقديمِ المقيَّد على المطلق، ولكن نحن نمنع أن بعضَ فرائضِ الورثةِ مطلقةٌ، وبعضَها مقيَّدةٌ كما عرفت ذلك. فهذا الكلامُ إنما يكون نافعًا في محل النزاعِ بعد الاتفاقِ على أن فريضةِ الزوجينِ والأبوينِ مقيَّدةٌ، وفريضةُ مَنْ عداهما مطلقةٌ، وهو غيرُ صحيح كما مرَّ.

وأما دعواه أنه قد عكس الأمر من قال بالعول فباطلٌ. فإنه إنما تتمُّ هذه الدعوى بعد تسليم أنهم قدَّموا المطلقَ على المقيدِ، ولم يفعلوا ذلك، بل جمعوا بين جميعِ الفرائضِ وأخرجوا لكل واحدة منها بمقدارها من التركةِ.

ثم أيضًا هذا الكلام في نفسه فاسدٌ، فإن أهل العولِ لم يقدِّموا المطلقَ على المقيَّد على فرض صحة ما ادَّعاه من كون فريضةِ الأبوينِ والزوجينِ مقدَّرةٌ، وفريضةُ مَنْ عداهم