للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلقةٌ، بل أعطوا كل ذي فرضٍ فرْضَهُ، وإنما يكون التقديمُ لو وفَّروا نصيبَ من عدا الزوجينِ والأبوينِ، وجعلوا النقصَ في نصيبهما عند التزاحم، فالعكسُ الذي ادعاه إنما يصدُق بهذا ولا يصدُق بمجرَّد التسويةِ على أهلِ الفرائضِ المتزاحمةِ، بل الذي جاء بما لا يعقلُ ولا يجري على قواعدِ الأصولِ هو النافي للعولِ، فإنه قُدِمَ مطلقًا على مطلق أو مقيَّدًا على مقيِّد، أو عامًا على عامٍّ، أو خاصًّا على خاصٍّ، على حسب تلك النصوصِ الواردةِ، فإنها متساوية الأقدام. فمن ادَّعى العمومَ أو الخصوصَ في بعضها فالآخر مثلُه، ومن ادَّعى الإطلاقَ أو التقييدَ في بعضها فالآخر أيضًا مثلُه لما عرَّفناك سابقًا.

وأما ما ادعاهُ من إخراجِ السدس والربعِ والثمنِ ونحوِها فأهلُ العول لم يخْرِجُوها كما زعم [٩أ]، بل أعطوا كلِّ واحد من أهلها فرْضَهُ المسمَّى له، لكنها لما تزاحمت الفرائضُ، وزادتِ على أجزاءِ التركةِ قسمُوا التركةَ على تلك الفرائضِ من غير إخراجٍ، بل لضرورة عقليةٍ اقتضتْ أنه لا يجتمعُ في المال مثلًا نصفانِ وثلثُ، أو نصفانِ وسدسٌ، أو ثلثانِ ونصفٌ، أو نحو ذلك.

وإنما الذي أخرج وخالف النصوصَ هو الذي أثبتَ بعضَها وأسقطَ بعضَها لمجرد خيالٍ مختلٍّ، وتوهمٍ فاسدٍ. وبهذا تعرف أن عدمَ القولِ بالعولِ هو الذي زاغ عن جبال هذه القواعدِ الراسيةِ.

وأما قوله: وحينئذ يجبُ أن يستوفي الأبوانِ والزوجانِ فرضَهما في محلهما، وما بقي كان لأقربَ نوع تعْصيبًا لا فَرْضًا. إذ لا مانعَ من أن يكون بعض الورثة ذا فرضٍ على تقديرٍ وعصَبَةٍ على آخر كما في الأبِ والجدِّ، فإنهما ذو فرضٍ مع الأولادِ وعصَبَة مع غيرهم فيجب أن يكون البناتُ كذلك ذواتِ فرضٍ عن انفرادهنَّ عن الأبوينِ والزوجينِ، وعصَبَاتٍ معهما كما هنَّ عصباتٌ مع أخوتهنَّ. والأخواتُ أيضًا مع البناتِ على الأصح تعصيبًا لا فرضًا لأن ما بقي بعد فرض الزوجينِ والأبوينِ إن زاد على قدرِ فرضِ الإناثِ وجب أن يوفى منه على قدرِ فرضهنَّ، وما بقي فلذي فرض أو عصبةٍ غيرهنَّ لئلا يزيدَ حالُهن مع المزاحم عليه مع عدمه.