للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقول: لا يخفى على كل ذي لبٍّ وإنصافٍ ما في هذا الكلام من التكلُّف والتهافُتِ، فإنه ما تم عدمُ القول بالعول إلا بقطع ميراث وارثٍ وإحرامه جميعَ ميراثِه أو بعضه، ثم لم يكتف النافون للعول بهذا حتى جاوزه إلى إخراجِ أهل الفرائضِ المقدَّرِة عن فرائضهم وإبطال كونهم [٩ب] من ذوي السِّهام، وإلحاقِهم، بالعصَبَاتِ لا لدليل ولا لأمر اقتضاه العقلُ، بل لمجرد رأي فاسدٍ، ثم اقتحام قياس من عالتْ بهم المسألةُ في مصيرهم عصباتٍ في بعض الأحوال على الأبِ والجدِّ الذين ورد الدليل بأنهم كذلك. ثم إخراجُ أقربِ الورثةِ وأحقِّهم بالإحسان، وأمسِّهم رجاءً، وأقدمهم في كل شيء البناتِ الذين هنا قطعةٌ من كبد الميت، وتأثير أحد الزوجينِ وتقديمُه عليهنَّ لا لدليل عقلٍ ولا نقلٍ، فانظر بعين الإنصافِ ما لزم القائلينَ بعد العولِ من المخالفاتِ للأدلةِ الصريحةِ الصحيحةِ، فإنهم رجحوا بل مرجِّحٍ، وقدموا بل سببٍ شرعيٍّ يقتضي التقديمَ، وجعلوا النقضَ على من الأدلةِ والجمعُ بينهما على وجهٍ هو أعدل الوجوهِ وأقومُها، من دون تأثير ولا تقديمٍ ولا العولِ إذا جمعتْ أجزاؤُها زادت على أجزاء التركةِ قسموا التركةَ بين أهل تلك الفرائضِ لكل واحد منهم بمقدارِ فريضتِه، ولم يقعوا في عملٍ يلزمهم به التحكُّمُ من قطع ميراثِ وارثٍ، وتقديمِ غيرِه عليه، وإخراجه عن كونه من أهلِ الفرائضِ المقدرةِ المنصوصةِ في المعادلة بين ما يلزمُ عن كل قول [١٠أ] من هذين القولين من المصالحِ والمفاسدِ والمطابقةِ للمقاصدِ الشرعيةِ والمخالفةِ لها، فلو لم يكن بيد من أثبتَ العولَ ونفاهُ إلا محضُ الرأي لكان رأي المثبتين أحقَّ بالقبول وأقربَ إلى المنقولِ والمعقولِ.

وهكذا لو نظرنا إلى من قال لا إلا ما قالَ، لكن العملُ بقول الجمهورِ، وهم المثبتونَ للعول أولى من العمل بقولِ شِرْذِمَةٍ يسيرةٍ من العلماء النافينَ للعول. وقد حكى الأمير الحسني صاحبُ .................................................