للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب والسنة.

الوجه الثاني: قوله بوجودِ الأمِّ ... إلخ. قد قدَّمنا أن ميراثَ الإخوةِ مطلقًا إن كان مشروطًا بالكلالةِ فلا ميراثَ لهم مع وجودِ الأمِّ، في مسائلِ العول، ولا في غيرِها، وهو خلافُ ما اختارَهُ الجلال في هذا الكلام الذي نحن بصددِ الكلامِ عليه هاهنا، وخلاف ما اختارَه غيرُه من النافينَ للعولِ، فما هو المسوغُ للتفرقةِ؟ وهل هذه التفرقةُ كانت بدليلٍ أو بخيالٍ فاسدٍ ورأي كاسدٍ؟

والوجه الثالث: قولُه لاسيَّما الأخوانِ لأمٍّ فإنَّهما إنما يرثانِ بواسطتِها إلخ.

ولا يخفاكَ أنه يلزمُ من هذا أنْ لا يرثَ الإخوةُ لأمٍّ مع وجود الأمِّ بحالٍ، وهو خلافُ ما عند أهل العولِ، بل قد صرَّحوا في بحث ميراثِ الإخوةِ لأمٍّ بأن وجودها لا يسقُط ميراثهم وخصَّصوا الكلالة بالنسبةِ إليهم بالولدِ والأب [١٤أ] دونَ الجدَّ، وبعضهم زاد الجد. وأما الأم فلم يجعلْها مسقطةً لميراثِ الإخوةِ لأمٍّ أحدٌ إلا الإماميةُ، وليسوا ممن يُقتدى به أو يُعتدُّ بخلافه.

ومن الغرائب أن الجلالَ (١) قال بعد حكاية مذهبهم أنه الحقُّ، مع أنه قال في أول البحثِ المشارِ إليه ما لفظه: ولولا الإجماعُ (٢) على أن الأبَ يسقطُ الإخوةَ لكان في حَجْبٍ الإخوةِ للأمِّ من الثلث إلى السدسِ إيماءً إلى حَجْبِهم الأبَ من الثلثينِ إلى الثلث. انتهى.

فانظر هذا التلوُّن والاضطرابَ.

والوجه الرابعُ: قوله: وهذا استقراءٌ تامٌّ، ولا يخفى عليك أن هذا الاستقراءَ لأفرادِ الساقطينَ مع وجودِ واسطتِهم هو باعتبارِ دلالةِ الأدلةِ على ذلك، أو إجماعِ المسلمينَ أو علماء الفرائضِ منهم لا غيرَ ذلك. فلا استقراءَ تامٌّ قطُّ، فإن الأدلةَ لم تدلُّ على ذلك.


(١) في "ضوء النهار" (٤/ ٢٦٤٩).
(٢) في "ضوء النهار" (٤/ ٢٦٣٣).