للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا لا إجماعَ من جميع المسلمينَ، ولا من أهل للفرائضِ فقط، وإن كان هذا الاستقراءُ التامُّ باعتبار اجتهادِه الذي قد اضطربَ في هذه المباحثِ اضطرابًا يخرجُه عن حد الإتقانِ فليسَ بحجةٍ على أحدٍ.

الوجه الخامس: قوله وقياسٌ صحيحٌ، ولستُ أدري كيف كان هذا القياسُ عنده صحيحًا! فإن إثباتَ ميراثِ الإخوةِ لأم مع الأم قد أجمعَ (١) عليه المسلمونَ إلا من لا يُعْتدُّ به، فلو فرضنا أن للقياسِ وجهًا لكان هذا الإجماعُ مانعًا منه.

الوجه السادس: أن إناثَ الإخوةِ لا تحجُبها يعين الأمِّ عن الثلثِ، وإلا يخفى أنَّ هذا مبنيٌّ على ما هو عنده من أنه لا يحجب الأمَّ إلا الإخوةُ لأبوينِ أو الأخواتُ إذا كان معهن أخٌ لهن ذَكَرٌ. مستدلًّا على ذلك بقوله تعالى: {فإن كان له إخوة فلأمه السدس} (٢) ويردُّ عليه أن الكلامَ في هذه الآيةِ [١٤ب] كالكلام في قوله تعالى: {فإن كن نساء فوق اثنتين} (٣) بل هذه الآيةُ أدلُّ على اعتبار الزيادةِ على الاثنتين لقوله: {فوق اثنتين} بخلاف تلك، فإن الجمعَ قد يصدُق على الاثنين إما حقيقةً عند مثل الزخشريِّ ومن وافقَه على أن أقلَّ الجمعِ اثنان، وإما مجازًا عند غيره. وكان يلزمُه أيضًا أن لا يحجبها إلاَّ الثلاثة الذكورِ، ولا يكفي في الحجبِ أنثيان مع ذكرٍ كما سوَّغ ذلكَ لأن التغليبَ مع كونه مجازًا هو مع كثرةِ عددِ الإناثِ خلافُ الظاهر، وأيضًا كان يلزمُهُ أن يحجب الأمَّ بالثلاثةِ من الإخوةِ لأبٍ أو الثلاثةِ من الإخوةِ لأمٍّ. فما باله اشترطَ أن يكونوا لأبوين في كلامِه على حجب الأم!

الوجه السابع: قوله: توقُّفٌ يوجبُ سقوطَ إخوةِ الأمِّ بالأختِ لأبوينِ إلى آخرِ كلامِهِ استشعرَ هاهنا أن المسألةَ عائلةٌ بدون الأمِّ، وأنه لا يتم له من سقوط الإخوة لأم


(١) انظر "المغني" (٩/ ٧).
(٢) [النساء: ١١]
(٣) انظر "التبصرة" (١٢٧)، "المستصفى" (٣/ ٣١٢)، "إرشاد الفحول" (٤٢٥).