للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالأمِّ لكونهم ورثّوا بواسطتِها فأجاب بأنَّهم يسقُطون بالإخوةِ لأبوينِ. وقد ذكر مثلَ هذا فيما سبق له في ميراثِ الإخوةِ لأمٍّ من هذا الكتاب (١)، وجعلَ الدليلُ له في ذلك القياسِ على إسقاطِ الإخوةِ لأبوينِ للإخوةِ لأبٍ، ولكنه اقتصرَ على الأخ لأبوين. وهاهنا توسَّع فصرَّح بأن الأختَ لأبوين تُسْقِطُ الإخوةَ لأمٍّ، فإن كان ذلك بالقياسِ على الأخ لأبوينِ فهو قياسٌ مع الفارقِ؛ لأنه لما قوي على إسقاطِ الأخ لأبٍ قوي على إسقاطِ الأخ لأمٍّ على زعمه بخلافِ الأختِ لأبوين فإنها لا تقوى على إسقاطِ الأختِ لأب، فلا تقوى على إسقاطِ الإخوةِ لأمٍّ.

وأقول: ما أحقَّه- رحمه الله- في هذه الأبحاثِ بقول القائِل:

تفرقت الضِّباءُ على خداشٍ ... فما تدري خداشٌ ما تصيدُ (٢)

ولقد انتشرتْ أبحاثُ الفرائضِ عليه انتشارًا عظيمًا حتى خالفَ النصوصَ الصحيحةَ الصريحةَ في الكتاب والسنةِ، وخالف إجماعاتِ الأُمَّةِ، بمجرَّد خيالاتٍ باطلةٍ، وآراء فاسدةٍ فليت شعري ما حملَه على ذلك! فلقد كان له سعةٌ عن الوقوع في مثل هذه المضائقِ المظلمةِ التي ليس له بها أنيسٌ [١٥أ]، ومثَّل عول ثلاثةَ عشَرَ بزوجٍ وأمٍّ وبنتٍ وبنتِ ابنٍ وقال إنها تصيرُ البنتُ مع الأمِّ عصَبَةً؛ لأن فرضها إنما هو على تقدير الانفراد عن الأبوينِ ولكن لما كان الباقي بعد الزوج والأمِّ أكثرُ من فرض البنتِ منفردةً رُدَّت إلى قدرِ فرضِها لئلا يكونَ ما تأخذُه مع المزاحم أكثرَ مما تأخذه مع الانفراد. مع أن المعقولَ هو العكسُ وحينئذٍ لا يبقى إلا نصفُ سدسٍ، إن قلنا أن بنتَ الابن تصير كالأخت مع البنت عصبةً كان الباقي لها، وذلك من قياس الأولى؛ لأن بنتَ الابن بنتٌ، وهي أخصُّ من الأختِ. وقد بطل عمومٌ فما بقيَ فلأَوْلى رجلٍ ذكرٍ لما عرفناكَ سابقًا، وإن قلنا البنتُ


(١) "ضوء النهار" (٤/ ٢٦٣٣).
(٢) "ضوء النهار" (٤/ ٢٦٣٣).