للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقَّب سبحانه هذا بقوله: {فلم يك ينفعهم إيمانهم} فجاء بهذه الجملة المصدَّرة بحرف النفي المتوجِّه إلى نفي النفعِ الكافي له بذلك الإيمانِ، فأفاد ذلك العمومَ، وأنه لا نفعَ لهم في هذا الإيمان الواقع عند رؤية الناس بوجه من الوجوه، كما تقرر من أن الأفعال مشتملةٌ على النكرات، فهو في قوة: لا نفعَ لهم بهذا الإيمان، والنكرةُ في سياق النفي من أبلغ صيغِ العمومِ (١)، ثم كرر هذا ذكر الوقت الذي وقع فيه ذلك الإيمان بعد أن ذكره أولا بلفظه وحروفه فقال: {لما رأوا بأسنا} فكان من التأكيد الدال على عدم نفع الإيمانِ في هذا الوقتِ، فوجهٌ من وجوه النفعِ لم يكتف بهذا حتى أردفه بجملةٍ دالةٍ على أنَّ عدم نفعِ الإيمانِ في هذا الوقت هو سنةُ الله - عز وجل-، ثم لم يكتف بمجرَّد ذكرِ


(١) قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص ٤١٠): إن النكرة المنفية بما، أو لن أو لم أو ليس أو لا مفيدةًُ للعموم سواءٌ دخل حرف النفي على فعل ما رأيت رجلًا أو على اسم نحو لا رجلٌ في الدار ونحو ما أحدٌ قائمًا. وما قام أحدٌ.
ولو أنها لم تكن النكرة في النفي للعموم لما كان قولنا لا إله إلا الله نفيًا لجميع الآلهةِ سوى الله سبحانه وتعالى.
"البحر المحيط" (٣/ ١١٢)، "تيسير التحرير" (١/ ٢٢٥).