قال القاضي عياض في كتاب "الإيمان من إكمال المعلّم بفوائد صحيح مسلم" (١/ ٢٠٦): ومعنى "عصموا" منعوا. قال الله تعالى: " والله يعصمك من الناس " [المائدة: ٦٧]. و" لا عاصم اليوم من أمر الله " [هود: ٤٣]، و {يعصمني من الماء} [هود: ٤٣]. وقد فسره في الحديث الآخر بقوله: "حرم ماله ودمُه"- أخرجه مسلم رقم (٣٤/ ٢١) - واختصاصه ذلك بمن قال: "لا إله إلا الله" تعبيرٌ عن الإجابة إلى الإيمان وأنَّ المراد بهذا مشركو العرب وأهل الأوثان ومن لا يقر بالصانع ولا يوحده وهم كانوا أوَّل من دُعي إلى الإسلام وقوتل عليه، فأمَّا غيرهم ممن يقر بالتوحيد والصانع فلا يُكتفى في عصمة دمه بقول ذلك إذا كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده فلذلك جاء الحديث الآخر: "وأني رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة". انظر: "فتح الباري" (٣/ ٣٥٨)، (١٢/ ٢٧٩)، "مجموع الفتاوى" (٧/ ١٨٦ - ١٨٩). وقد بوب مسلم في صحيحه رقم (٤١) - باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله. وأخرج حديث رقم (١٥٥/ ٩٥) عن المقداد بن الأسود أنَّه قال: يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلًا من الكفار. فقاتلني. فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تقتله" قال فقلت: يا رسول الله إنَّه قد قطع يدي، ثم قال بعد ذلك: إن قطعها أفأقتله؟ قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تقتله، فإن قتلته فإنّه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال". وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٠١٩).