قال الخطابي في "معالم السنن" (٣/ ١٠٢) فيه من الفقه: أن الكافر إذا تكلم بالشهادة وإن لم يُصَفْ بالإيمان وجب الكف عنه والوقوف عن قتله سواء كان بعد القدرة عليه أو قبلها. وفي قوله: "هلا شققت عن قلبه"- وفي رواية أبي داود رقم (٢٦٤٣) - دليل على أن الحكم إنما يجري على الظاهر وأن السرائر موكولة إلى الله سبحانه. وفيه أنَّه لم يلزمه - مع إنكاره عليه- الدية، ويشبه أن يكون المعنى فيه أن أصل دماء الكفار الإباحة وكان عند أسامة إنما تكلم بكلمة التوحيد مستعيذًا، لا مصدقًا بها، فقتله على أنه كافر مباح الدم فلم تلزمه الدية إذ كان في الأصل مأمورًا بقتاله والخطأ عن المجتهد موضوع. ويحتمل أن يكون قد تأول فيه قول الله تعالى: " فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " [غافر: ٥٨]. وقوله في قصة فرعون: "الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " [يونس: ٩١]، فلم يخلصهم إظهار الإيمان عن الضرورة والإرهاق من نزول العقوبة بساحتهم ووقوع بأسه بهم. قال الحافظ في "الفتح" (١٢/ ١٩٦): كأنَّه حمل نفي النفع على عمومه دنيا وأخرى وليس ذلك المراد، والفرق بين المقامين أنَّه في مثل تلك الحالة ينفعه نفعًا مقيَّدًا بأن يجب الكف عنه حتى يختبر أمره هل قال ذلك خالًصا من قلبه أو خشية من القتل، وهذا بخلاف ما لو هجم عليه الموت ووصل خروج الروح إلى الغرغرة وانكشف الغطاء فإنه إذا قالها لم تنفعه بالنسبة لحكم الآخرة وهو المراد بالآية. (٢) أخرجه أبو داود في "السنن". رقم (٢٦٤٣) وهو حديث صحيح.