(٢) الذمة في اللغة: الأمان والعهد. وأهل الذمة هم المعاهدون من النصارى واليهود وغيرهم ممن يقيم في دار الإسلام. وقد جاء في الحديث الشريف: " ... يسعى بذمتهم أدناهم "، وفسر الفقهاء "ذمتهم" بمعنى الأمان. وقالوا في تفسير عقد الذمة بأنه إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة. وعقد الذمة: هو عقد بمقتضاه يصير غير المسلم في ذمة المسلمين أي في عهدهم وأمانهم على وجه التأييد، وله الإقامة في دار الإسلام على وجه الدوام. "القاموس الفقهي" (ص ١٤٣٤)، "كشف القناع" (١/ ٧٠٤). شرع عقد الذمة بعد فتح مكة، أما ما كان قبل ذلك بين النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين المشركين فعهود إلى مدد لا على أنهم داخلون في ذمة الإسلام وحكمه. ويؤيد ذلك أن آية الجزية المتضمنة عقد الذمة، وهي قولة تعالى: " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ {[التوبة: ٢٩]. قال ابن كثير في تفسيره (٤/ ١٣٢) نزلت هذه الآية الكريمة أول الأمر بقتال أهل الكتاب، بعدما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجًا، فلما استقامت جزيرة العرب أمر الله ورسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى وكان ذلك في سنة تسع ... " أما الحكمة من مشروعية عقد الذمة فهي أن يترك الحربي القتال مع احتمال دخوله في الإسلام عن طريق مخالطته للمسلمين واطلاعه على شرائع الإسلام، وليس المقصود من عقد الذمة تحصيل المال.