للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مات لم يرثه علي، وجعفر، وورثه عقيل، وطالب؛ لأن عليًّا وجعفر كانا مسلمين حينئذ، فلم يرثا أبا طالب.

وقال في البحر (١): معاذ ومعاوية والناصر- عليه السلام- والإمامية: يرث الكافر لقوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "الإسلام يعلو ولا يعلى عليه" انتهى. وهذا عموم كما لا يخفى.

قال ابن دقيق العيد (٢): ومن المتقدمين من قال بأن المسلم يرث الكافر دون العكس، وكان ذلك تشبيه بالنكاح، حيث ينكح المسلم الكافرة الكتابية بخلاف العكس انتهى. فعلى قول معاذ، والناصر، ومن معهما لا إشكال في ميراث الصبي من أبويه الكافرين، وكذا إذا قلنا بإسلامه كما هو ظاهر حديث: "كل مولود" (٣) وكان إثبات التوارث من الجانبين؛ أعني: ميراث الصبي من أبويه، وميراثهما منه بحكم المعاملة له معاملتهما في أحكام الدنيا، وهذا واضح كما يظهر. وإن أشكل فيه أن الصبي يعامل به معاملة أبويه حتى يموت أبواه، فموتهما يثبت له حكم الإسلام مقارنًا لموتهما، فكيف لا يكون مانعًا من إرثه لهما على قول الجمهور (٤) من عدم التوارث بين أهل ملتين! فالمقام مقام نظر وإمعان.

ويظهر لي صحة نزع الصبي بوجوبه وبثبوت ميراثه من أقاربه ما دام صبيًّا قبل نزعه، إذ بنزعه تنقطع عنه المعاملة له معاملة أبويه. ويؤيد هذا الظاهر حتى يصير متعينًا وجوبًا.

الوجه الأول: أنه بعد أن ثبت أن المراد بالفطرة (٥) الإسلام، وقد ثبت عند عامة


(١) أي البحر الزخار (٥/ ٣٦٩).
(٢) في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (٤/ ١٧).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر "درء تعارض العقل والنقل" (٨/ ٣٦١).
(٥) انظر الرسالة رقم (١٦).