للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلماء أو إجماعهم على ما يظهر من عدم حكاية مخالف أنه يرثه أبواه الكافران إذا ماتا مع اختلاف الملة، وما ذاك إلا لحكم معاملته معها معاملة الموافق في الملة.

والوجه الثاني: هو ما أشار إليه ابن حجر (١) بقوله: والحق أن الحديث سيق لبيان ما هو في نفس الأمر، لا لبيان الأحكام في الدنيا، فإنه يفيد أن أحكام الذمي من التوارث والاسترقاق وغيرهما منظور فيهما عند الشارع إلى الظاهر، وإلى معاملة الصبي معاملة أبويه وإن كان ابن حجر - رحمه الله- لم يسلك الحق في ما مضى له من قوله بعد ذلك: ولا حجة فيه؛ أي في حديث "كل مولود" إلخ، لمن حكم بإسلام الطفل الذي يموت أبواه كافرين، كما هو قول أحمد. وأسند عدم الحجة باستمرار عمل الصحابة ومن بعدهم على عدم التعرض لأطفال أهل الذمة. ولا يخفى أنه لا حجة في ذلك الاستمرار إلا إذا كان إجماعًا، ولا إجماع كما هو ظاهر، على أن قول ابن حجر: ولا حجة إلخ مناف لما قد قرره من أن الفطرة الإسلام، تظهر ما قلته لمن تأمل المقام.

والوجه الثالث: إن ثبت كون المراد بالفطرة الإسلام، وثبوت معاملة الصبي معاملة أبويه في الأحكام الدنيوية يصح أن يقال: إن قد قارن موت أحد أبوبه مانع من الإرث، وهو اختلاف الملتين، وارتفاع ولاية أبويه عليه بالمرة، وثبوت الإسلام، وأن ينزع من أيدي أهل الكفر، وزوال المعاملة بالمرة لأنا نقول: قد ثبت عند الشارع إحدى هذه المعاملة في الأحكام الدنيوية في الاسترقاق، فإنه يسترق الصبي من غير فرق بين تقدم هلاك أبويه على استرقاقه وعدمه، وذلك معلوم، وذلك ما ثبت عند عامة العلماء من إثبات ميراث أبويه منه، مع حصول الاختلاف وارتفاع موجب المعاملة، ما ذاك إلا لانسحاب حكم المعاملة بعد الموت. ونظير ذلك عتق المدبر بعد موت سيده، مع حصول المانع، وهو خروجه عن ملك مدبره لموته، ونظير ذلك أيضًا ما قالوه في المملوك إذا مات أبواه أو نحوه، فعتق قبل حوز المال إلى بيت المال أنه يرث أباه، ونحوه مع


(١) في "الفتح" (٦/ ٤٣).