وإن كان المراد المعنى الرابع فلا شك أنه لا يصير متصفًا بوصف الكفر، لكونهما أبوين له، ولا بالملازمة المنقطعة قبل البلوغ؛ لأن تصييرهما له كذلك هو عند البلوغ، وعلى هذا فإذا وجد في دارنا دونهما صار مسلمًا؛ لأنه لم يحصل ذلك المعنى، بل يحكم عليه بالإسلام قبل بلوغه مطلقًا؛ لأن تهويده لم يحصل، وذلك يستلزم نزعه حال صغره، ولو كان الأبوان باقيين؛ لأن كونه في أيديهما يفضي به إلى الكفر، واللازم باطل فالملزوم مثله.
أما الملازمة فلأن المفروض أنه مسلم قبل البلوغ، فكيف يقر في أيدي الكفار! وأما بطلان اللازم فلم يثبت عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، ولا عن الصحابة، ولا عن سائر علماء الأئمة أنهم انتزعوا صبيان الكفار على اختلاف أنواعهم، مع وجود الأبوين، أو أحدهما، وأيضًا معنى الحديث وهو قوله:"يهودانه وينصرانه إلخ" لا يدل على ذلك المعنى؛ لأن الظاهر أنه يولد على تلك الصفة فيتعقبه تصيير الأبوين له كذلك. والضمير في قوله: يهودانه إلخ راجع إلى المولود، وإطلاق اسم المولود في عرف اللغة إنما يصح على من كان قريب العهد بها. هذا ما لاح للنظر القاصر بدون تحرير للنظر، ولا تكرير له، وإذا تصفحه المتأهل استفاد، ومنه ما هو الحق في المسألة، فليمعن سيدي الشرفي النظر في ذلك، وإذا عرضه فليعرضه على من له مسرح في المعارف الاجتهادية، ويتعذر إذا رأى فيه ما لا يناسب؛ فإني كتبته ورسوله قائم بالباب، والله أعلم بالصواب.
انتهى من تحرير المجيب - حفظه الله-، وبارك لنا وللمسلمين في أيامه، إنه جواد كريم. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.