للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي على رسولك وآله وصحبه. قلتم - طول الله مدتكم وحرس مهجتكم في مشرفكم-: هل من دليل يدل على إجبار اليهود على التقاط الأزبال؟

فأقول: لم أقف قبل كتب هذه الأحرف على كلام في ذلك لأحد من العلماء، وقد خطر بالبال حال زبر هذه الأحرف من الأدلة خمسة عشر دليلًا.

الأول: قال الله تعالى:} حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ {(١) ضرب الله- جل جلاله-[لجواز] (٢) مصالحة الكفار غاية هي إعطاء الجزية، وقيدها بالجملة الحالية (٣) وهي قوله: وهم صاغرون، إشعارًا بأن مجرد إعطاء الجزية غير كاف في جواز الموادعة والمصالحة، وحقن الدماء، وجعلها اسمية تنبيهًا على دوام الصغار لهم وثباته كما


(١) [التوبة: ٢٩].
(٢) زيادة من (أ).
* على الصفحة الأولى من المخطوط (أ) ما نصه: هذا الجواب على سيدي العلامة الروح عيسى بن محمد بن الحسين حفظه الله تعالى.
(٣) قال الشوكاني في "السيل الجرار" (٣/ ٧٧٦ - ٧٧٧): وجهه أن الله سبحانه قد قال في محكم كتابه: " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " [التوبة: ٢٩]. فهذه الجملة حالية قد أفادت أنه ينزل بهم ما فيه صغار في ملبوسهم وبيوتهم ومركوبهم، ونحو ذلك من شئونهم، ويمنعون مما يخالف الصغار، وهو التشبه بالمسلمين في ملبوسهم وبيوتهم ومركوبهم ونحو ذلك، وقد أخذ عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه عهدًا ذكر فيه ما يعتمدون عليه في حالهم ومالهم ومساكنهم وكنائسهم، ومن جملته: أنهم لا يتشبهون بالمسلمين في ملبوساتهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، وفيه أنهم يجزون مقاديم رءوسهم وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يظهرون صليبًا ولا شيئًا من كتبهم في طريق المسلمين، وفيه أنهم لا يضربون ناقوسًا إلا ضربًا خفيفًا، ولا يرفعون أصواتهم بالقراءة في شيء في حضرة المسلمين، وهذا العهد العمري.
انظر: "المحلى" (٧/ ٣٤٦ - ٣٤٧).