للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرره أئمة البيان، وصرح به العلامة في مواضع من كشافه (١)، وقرره السعد في جميع كتبه، واعتبار السكاكي، والشريف، وصاحب المجاز للمقامات غير قادح في المطلوب لقضاء المقام بذلك بلا نزاع فهو إجماع.

وضمير الجماعة ظاهر في تعلق الحكم بكل فرد، فلا يصار إلى غيره إلا لموجب، وهذا على فرض تجرده عن الأدلة العاضدة لذلك الظاهر، أما مقام النزاع فهو فيه معقود بالنص والإجماع.

وإهمال اعتباره فيما نحن فيه مستلزم لجواز تقرير بعض أهل الذمة على الصلح بلا جزية ولا صغار، وهو باطل.

أما الأولى: فلأن هجر الظاهر موجب لعدم التعلق بالكل الإفرادي، وغايته التعلق بالمجموع من حيث هو، وأنه غير مناف لخروج البعض.

وأما الثانية: فالنص والإجماع قاضيان قضاء لا ينكر ببطلان تقرير أهل الذمة في جزيرة المسلمين بلا قتال ولا جزية وصغار.

إذا تقرر أن كل فرد من أفراد أهل الذمة لا ينفك عن الصغار بحكم الشرع، وأن الصغار هو الذلة والإهانة كما تقرر في اللغة (٢) فدعوى اختصاصه ببعض ما فيه ذلك، أو بوقت دفع الجزية أخذًا بظاهر التقييد ممنوع؛ لأن الأولى تحكم محض.

والثانية: تفت في عضدها أنه يصدق على الذمي أنه معط للجزية في جميع أوقات المصالحة، وإلا لزم بطلان مصالحته، [فأمانه] (٣) في وقت عدم الإعطاء بالفعل وهو باطل، وهذا يعود إلى الخلاف في اشتراط بقاء المعنى في إطلاق المشتق (٤).

وقد تقرر [١] في الأصول أنه باعتبار الماضي حقيقة على قول، ومجاز على آخر،


(١) انظر: "الكشاف" (٣/ ٣٢).
(٢) انظر: "لسان العرب" (٧/ ٣٥٢).
(٣) في (ب) وأمانه.
(٤) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٩٧ - ٩٨).