للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وباعتبار المستقبل مجاز بالاتفاق كما قرره العضد وشارح الغاية.

قال سعد الملة في المطول ما لفظه: قلت: لا خلاف في أن اسم الفاعل والمفعول فيما لم يقع كالمستقبل مجاز، وفيما هو واقع كالحال حقيقة، وكذا الماضي عند الأكثرين.

فانظر كيف جعل الماضي كالحال في أنه حقيقة، ونسبه إلى الأكثرين لا كما وقع في شرح الغاية من نسبة ذلك إلى أبي علي، وأبي هاشم، وابن سينا فقط. وقد نسبه الشلبي إلى الشافعية وعبد القاهر (١).

وعلى الجملة فإن كل ما في القرآن والسنة من هذا القبيل إلا القليل النادر، وقد جود البحث في ذلك المحلي في شرح جمع الجوامع، وابن أبي شريف في حاشيته.

إذا عرفت هذا علمت أن إعفاء اليهود عن التقاط الأزبال الذي هو أعظم أنواع الصغار وأهمها لا سيما مع استلزامه لإلصاق هذا العار الهادم لكل شعار بالمسلمين - لا محالة- يعود على الفرض المقصود من المصلحة الباعثة على المصالحة بالنقض، ويخدش [١ أ] في وجه تبلج الإسلام خدشًا تظهر للسرور به أسارير وجه الكفر، فلينظر المتفكر، وليتأمل المعتبر ما وسم به المسلمون من التقاط أزبال اليهود، وأي الفريقين صاحب الصغار عند مباشرة المسلمين لهذه النقيصة المشوهة} إنا لله وإنا إليه راجعون {(٢) أي مذلة احتملها المسلمون، وأي ضعة ومهانة صبر عليها الأولون؟!

الدليل الثاني: قال الله تعالى:} وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ {(٣). وقال عز وجل:} ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ {(٤).


(١) انظر: "المحصول" (١/ ٢٣٩)، "التقرير والتحبير" (١/ ١٦٢).
(٢) [البقرة: ١٥٦].
(٣) [البقرة: ٦١].
(٤) [آل عمران: ١١٢].