للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مساواة المسلمين في مثل هذه الخصلة، وفيما هو أشد ضرارًا منها على المسلمين، ولا يشك عاقل أن هذه الرذيلة التي نحن بصددها أشد وأشد، بل بين الخصلتين مسافات تنقطع فيها أعناق الإبل، ويبكي لها الإسلام بملء جفونه، والله المستعان.

الدليل الثامن: ثبت تواترًا أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أخرج بني النضير من ديارهم لما في ذلك [٢ أ] من المصلحة للمسلمين (١).

وقد قرن الله الخروج من الديار بقتل الأنفس، فإذا كانت مراعاة المصلحة مجوزة للإجبار لهم بمثل هذا الأمر العظيم فكيف لا يجوز إجبارهم بما هو دونه بمراحل في إضرار المجبرين، وفوقه بدرجات في الصلاح.

الدليل التاسع: حديث: "نزلوا الناس منازلهم" (٢) وأدلة الكتاب والسنة والإجماع قاضية بأن منزلة المسلم أرفع من منزلة الكافر، فينبغي أن يعطى المسلم من المكاسب ما يليق بدرجته العلية، ويعطى الكافر منها ما يليق بمرتبته الدنية، فإذا قدرنا على ذلك وجب علينا ذلك التنزيل المأمور به، وإجبار من لم يمتثل من الكفار مقدمة للواجب، وكل مقدمة للواجب واجب، فإجبار من لم يمتثل واجب.

الدليل العاشر: أخرج البخاري (٣) ومسلم (٤) ..............................


(١) انظر تفصيل ذلك في "فتح الباري" (٧/ ٣٢٩ - ٣٣٤).
(٢) أخرجه أبو داود رقم (٤٨٤٢).
عن ميمون بن أبي شبيب، أن عائشة مر بها سائل، فأعطته كسرة، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة، فأقعدته، فأكل، فقيل لها في ذلك؟ فقالت: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أنزلوا الناس منازلهم". وهو حديث ضعيف. انظر "الضعيفة" (١٨٩٤).
ولكن أخرج أبو داود في "السنن" رقم (٤٨٤٣) عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط". وهو حديث حسن.
(٣) في صحيحه رقم (١٣).
(٤) في صحيحه رقم (٤٥).