للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الحقير، أسير التقصير، محمد بن علي الشوكاني - غفر الله لهما -، أسألك اللهم العصمة عن مجبة القيل والقال، وأعوذ بك من تحمل فوق الطاقة من أعباء المراء والجدال؛ فإنك إن هديتنا إلى معرفة عيوب أنفسنا صرفنا العناية إلى ما هو أولى بنا وأحرى، وإن بصرتنا بما نجهله من قدورنا لم يرَ غيرنا منا ما لا نرى، وبعد حمد الله على كل حال، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه خير صحب وآل، فإنها جرت مذاكرة بيني وبين بعض الأعلام النحار أوجبت تأليف رسالة سميتها بحل الإشكال في إجبار اليهود على التقاط الأزبال، ثم مضت برهة من الأيام، فرأيت رسالة (١) لبعض إخواني من علماء العصر، مستدركًا بها على تلك الرسالة، وقد علم الله أني في شغل شاغل عن المباراة والمماراة ولكن لما رسخ في بالي، وصح عندي أن إجبار اليهود على ذلك، وإعفاء المسلمين منه من أعظم القرب، وأنفس المحاسن، التي ينبغي أن تعد من مناقب العصر وأهله، فإني - كما علم الله - لم أزل مستنكرًا لتقرير المسلمين على ذلك من أيام الوقوف مع الصبيان في المكتب، ورأيت الصغير والكبير، والعالم والجاهل موافقين على ذلك، فحداني محبة نجاز هذا المقتصد، ونجاح هذا المطلب إلى تبيين ما في رسالة المعترض من الأوهام التي لا يحتمل مخافة أن يعتريها، فتكون من الأعذار عن تنجيز هذا العمل، مستعينًا بالله، ومتكلًا عليه، مقتصرًا على الإشارة بأخصر عبارة، فإن التطويل ربما أفضى إلى تحرير كراريس. قال: ولما كان الدين النصيحة (٢). . إلى قوله: ولنقدم مقدمة.

أقول: الغرض الباعث على هذه النصيحة، والغاية الجاملة عليها إما أن تكون مخافة أن يعمل من وجهت إليه تلك الرسالة بمقتضاها فيربح المسلمين من التلوث بالنجاسات،


(١) الرسالة رقم (١٦٧).
(٢) تقدم تخريجه.