للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقصد الثالث: إثبات النبوات.

ولما كانت هذه الثلاثة المقاصد، مما اتفقت عليه الشرائع جميعا، كما حكى ذلك الكتاب العزيز في غير موضع أحببت أن أتكلم هاهنا على كل مقصد منها، بإيراد ما يوضح ذلك من الكتب السابقة، وعن الرسل المتقدمين، مما يدل على اتفاق أنبياء الله وكتبه على إثباتها، لما في ذلك من عظيم الفائدة، وجليل العائدة، فإن من آمن بها كما ينبغي، واطمأن إليها كما يجب، فقد فاز بخيري الدارين، وأخذ بالحظ الوافر من السعادة الآجلة والعاجلة، ودخل إلى الإيمان الخالص من الباب الذي أرشده إلينا نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في جواب من سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، فقال في الإيمان:

"أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله [١]، والقدر خيره وشره". هكذا ثبت في الصحيحين (١) وغيرهما (١) من طرق كثيرة.

ولا ريب أن من آمن بالله، وبما جاءت به رسله، ونطقت به كتبه، فإن إيمانه هذه المقاصد الثلاثة، هو أهم ما يجب الإيمان به، وأقدم ما يتحتم عليه اعتقاده؛ لأن الكتب قد نطقت بها، والرسل قد اتفقت عليها اتفاقا يقطع كل ريب، وينفي كل شبهة، ويذهب كل شك.

وسميت هذا المختصر: (إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات). وبالله أستعين، وعليه أتوكل.


(١) يشير إلى حديث جبريل الطويل، أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٥٠ و٤٧٧٧) ومسلم في صحيحه رقم (٩ و١٠) من حديث أبي هريرة.
* وأخرجه مسلم قي صحيحه رقم (٢، ٣/ ٨) من حديث عمر بن الخطاب.
وأخرجه أبو داود في "السنن " رقم (٤٦٩٥) من حديث بريدة وهو حديث صحيح.
وهو حديث مشهور في كتب السنة وقد سمى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه "الدين" فقال: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".
وانظر الحديث تخريجا وتعليقا في "معارج القبول" (٢/ ٧٢٣ - وما بعدها) بتحقيقي.