للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الترمذي: (١) حديث حسن، وذكر أن بعضهم رواه مرسلا، وأنه أصح انتهى ما في التخليص. وقال الحاكم (٢) صحيح على شرطهما انتهى من الخلاصة.

إذا تقرر هذا عرفت أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صالحهم على الجزية، وعقد لهم بذلك ذمة الله، وذمة رسوله، فيكف يجوز نقض ما عوهدوا عليه، والزيادة على ما سن من السنة، في أهل الكتاب! فنحن نقتصر على ما عاهدهم عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من الجزية، ومن عدم ابتدائهم بالسلام، ومن إلجائهم إلى أضيق الطريق، وما أذن فيه الشرع على الوجه المعتبر، وقد علمتم أنه يسعى بذمة المسلمين أدناهم (٣) وأنها لا تخفر (٤) هذه الذمة، فيكف بما عقده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ومشى عليه الخلفاء من بعده وأقرهم الأئمة عليه! وأن هؤلاء اليهود باليمن كما قال الشاعر:

فصرت أذل من وتد بقاع ... يشجج رأسه بالفهر واجي

فلا مزيد على ما هم فيه من الذمة والصغار، ولا نقول: إنها قد سقطت حرمتهم بالمرة فلهم حرمة بسبب دخولهم تحت الذمة.

والعهد مقبرة المسلم والذمي [٧] من الثرى إلى الثريا، فلا تزدرع (٥) ولا تقوآها حتى يذهب قرارها، وكذلك أباح الشرع نكاح الكتابيات ولو كانوا بحيث لا يؤبه لهم، وأنه


(١) في "السنن" (٣/ ٢٠).
(٢) في "المستدرك" (١/ ٣٩٨).
(٣) يشير إلى الحديث الذي أخرجه ابن ماجه رقم (٢٦٨٤) من حديث معقل بن يسار مختصرا بلفظ: "المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم" وهو حديث صحيح.
(٤) أخرج مسلم في صحيحه رقم (٤٧٠/ ١٣٧١) من حديث أبي هريرة بلفظ: "إن ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
(٥) المزدرع: الذي يزدرع زرعا يتخصص به لنفسه، وازدرع القوم اتخذوا ذرعا لأنفسهم خصوصا أو احترثوا وهو افتعل إلا أن التاء لما لان مخرجها ولم توافق الزاي أبدلوا منها دالا، لأن الدال والزاي مجهورتان والتاء مهموسة. لسان العرب (٨/ ١٤١).