للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (١) يعني الكفار أي اغلظ على جنس الكفار، أو على كل كافر، وخاطبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خطاب لأمته. . . إلخ.

أقول: صدر الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (٢) قال جار الله (٣): جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين بالحجة، واغلظ عليهم في الجهادين جميعا ولا تحابهم.

وكل من وقف منه على فساد في العقيدة هذا الحكم ثابت فيه يجاهد بالحجة ويستعمل معه الغلظة ما أمكن منها.

عن ابن مسعود أن من لم يستطع بيده فبلسانه، وإن لم يستطع فليكفهر في وجهه، فإن لم يستطع فبقلبه (٤) يريد الكراهة والبغضاء التبرؤ منه، وقد حمل الحسن (٥) جهاد المنافقين على إقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها انتهى، فعرفت من هذا أن الإغلاظ على الكافرين بالسيف، وعلى المنافقين بالحجة، إذ لا جهاد للمنافقين بالسيف، وأن الأمر بالجهاد للكفار مع بقائهم على الكفر، وعدم تسليم الجزية، فإذا سلموا الجزية فلا جهاد لهم ولا إغلاظ.

وقد قال تعالى {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} (٦) وقال في الثمرات (٧) في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} (٨).


(١) [التوبة: ٧٣] [التحريم: ٥٩].
(٢) [التوبة: ٧٣]، [التحريم: ٥٩]
(٣) أي الزمخشري في "الكشاف" (٣/ ٦٨).
(٤) أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (٦\جـ ١٠/ ١٨٣).
(٥) أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (٦\جـ١٠/ ١٨٤).
(٦) [العنكبوت: ٤٦].
(٧) تقدم ذكره.
(٨) [التوبة: ٧٣]، [التحريم: ٥٩].