للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية ما لفظه: دلت على وجوب الجهاد، قيل بالسيف للكفار، وجهاد المنافقين بالحجة، وقيل جهاد المنافقين بإقامة الحدود عليهم عن الحسن وقتادة.

وقال الضحاك (١) وابن جريح: جهاد المنافقين بأن يغلظ عليهم الكلام، وهذا حيث لا يقابل ذلك مصلحة [١٠] فإن ترتب على الرفق بهم مصلحة من رجاء توبة به جازت الملاطفة، وقد جوزوا التعزية لأهل الذمة والوصية، وقال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (٢) انتهى.

قال: الدليل الخامس: ما وصف الله به أهل الإسلام من قوله: {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} (٣) فالعزة على الكفار على وجه الاستعلاء المشعور به من على وصف المادح الانخراط في سلكه أمر ترغب إليه كل نفس أبية، وتطلبه كل همة قسورية وأن ما نحن فيه - لعمر أبيك - حقيق بأن يكون مقدم قافلة ركب العزة، وعنوان ذلك الشرف الذي ما صادف غيرة مجزه.


(١) انظر تفسير القرآن العظيم (٤/ ١٧٨) لابن كثير.
(٢) [الممتحنة: ٨] قال ابن جرير في "جامع البيان" (١٤\جـ٢٨/ ٦٦) وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: لا ينهاكم الله عن الذين لا يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم إن الله عز وجل عم بقوله: (الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم) جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضا دون بعض، ولا معنى لقول من قال: ذلك منسوخ، لأن بر المؤمن من أهل الحرب ممن بينه وبينه قرابة نسب، أو ممن لا قرابة بينه وبينه ولا نسب غير محرم ولا منهي عنه إذا لم يكن في ذلك دلالة له، أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام، أو تقوية لهم بكراع أو سلاح.
(٣) [المائدة: ٥٤].