للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الأول

في بيان اتفاق الشرائع على التوحيد

اعلم أن قد روى جماعة من أكابر علماء الإسلام أن الشرائع كلها اتفقت على إثبات التوحيد على كثرة عدد الرسل المرسلين، وكثرة كتب الله -عز وجل-، المنزلة على أنبيائه.

فإنه أخرج ابن حبان (١) والبيهقي (٢) بسندين حسنين من حديث أبي ذر: "أن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، وأن الكتب المنزلة مائة وأربعة كتب".

فالتوحيد هو دين العالم أوله وآخره، وسابقه ولاحقه. ومن خالف في ذلك فجعل لله -عز وجل- شريكا، وعبد الأصنام، فإنه كما أرشد إليه القرآن حكاية عنهم بقوله:} ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى {(٣) مقر بأنه إيمان، وإنما جعل الشريك وصلة إلى الرب - سبحانه-، ووسيلة إلى التقريب إليه. وما ثبت في الصحيح (٤) أنهم


(١) في صحيحه (٢/ ٧٦ رقم ٣٦١) من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني قال حدثنا عن جدي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر به.
وإبراهيم بن هشام هذا قال عنه أبو حاتم في " الجرح والتعديل " (٢/ ٤٢ - ٤٣): كذاب.
(٢) في "السنن الكبرى" (٩/ ٤).
قلت: وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٧/ ٢٦٩٩) وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ١٦٨) كلهم من طريق يحيى بن سعيد القرشي السعدي عن ابن جريج، عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر بطوله.
وفيه يحيى بن سعيد قال ابن حبان عنه في " المجروحين " (٣/ ١٢٩): شيخ يروى عن ابن جريج المقلوبات، وعن غيره من الثقات الملزقات لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدا والله أعلم.
(٣) [الزمر: ١٣].
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢٢/ ١١٨٥) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك. قال: فيقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ويلكم قد. قد" فيقولون: إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. يقولون هذا وهم يطوفون بالميت.