أقول: قد سبق تحرير الجواب عليه، على أنا إذا عولنا على أقوال الرجال، قلنا: هؤلاء أئمة أهل البيت؛ فهموا خلاف ما فهمتهم من أنه لا يشترط أن يخلفه شيء آخر من الصغار.
فقالوا (١): ويلزمون زيًّا يتميزون به، فيه صغار لهم من زنار، ولبس غيار، وجز وسط الناصية، ولا يركبون على الأكف إلا عرضًا ثم قالوا: ولا يظهرون شعارهم إلا في الكنائس، ولا يحدثون بيعة، ولهم تجديد ما خرب، ولا يسكنون في غير خططهم إلا بإذن المسلمين لمصلحة، ولا يظهرون الصلبان في أعيادهم إلا في البيع، ولا يركبون الخيل ولا يرفعون دورهم على دور المسلمين، ويبيعون رقًّا مسلمًا شروه، ولا نقول أن هذا حجة عليكم، ولكن أخبرونا هل جعلهم هذه الأمور صحيح أم لا؟ إن قلتم بالأول لم يصح ما ذكرتموه من كفاية الصغار الحاصل عند قبض الجزية، ولا يشترط أن يخلفه صغار آخر.
وتبين لكم صحة قولنا بعدم اختصاص الصغار بنوع معين.
ولاح أن المراد إذلالهم بأبلغ أنواع الإذلال؛ والإهانة التي لم يمنع الشارع منها، ولا شك أن هذا من أبلغها وأهمها لما فيه من الإعلاء الظاهر، ولا شك أن ركوبهم الخيل، ورفع الدور لم يمنعوا منه إلا لما فيه من العز والشرف على المؤمنين، وفي إعفائهم عن هذه القضية من العزة والشرف فرق ذلك بدرجات.
وإن قلتم بالثاني فمع كونه لم يتعرض للاعتراض عليه من اشتهر لمحبة ذلك كالجلال، والمقبلي، فأبينوا لنا وجه عدم الصحة. فكم ترك الأول للآخر، على أنه قد روي ما ذكروه من الصغار عن غيرهم [٥] من العلماء، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما