للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخالف فيه الزمخشري، وكلامه الذي نقلتموه شاهد له. وقد حقق هذه المسألة - أعني تعلق الحكم بالكل الإفرادي - صاحب جمع الجوامع (١) وشراحه، وأهل الحواشي بما لا مزيد عليه، فلا نطول بذكره.

قال: وأما اعتبار كل صغار بالفعل لكل فرد على جهة اللزوم في حال الإعطاء، وإلا فليست بجزية، فلم يقل به أحد، ولا دليل على وجوبه.

أقول: ولا أقول أنا بوجوب ما جمع تلك القيود، ولا يقول به عاقل لعدم إمكان الإحاطة بأنواع الصغار، وعدم استطاعة الطباع البشرية القيام به، واستحالة عدم الانفكاك منه بالفعل؛ فهذه ثلاثة موانع ضرورية، ويزداد ذلك إحالة إذا اعتبر اجتماعه في وقت مخصوص كما يشعر بذلك قولكم في حال الإعطاء. فإن كنتم بصدد المناقشة لكلامي فأخبروني أين ذكرت هذا الكلام الذي يعرف استحالته كل عاقل؟ وإن كنتم بصدد المناقشة [٦] لكلام غيري فلا أدري من هو، ولا دخل له في كلامنا.

قال: لأن الصغار الحاصل للكل المجموعي، أو للفرد الكامل عائد إلى الأفراد إلخ.

أقول: الكل المجموعي لا ينافيه خروج البعض، فما الدليل على أنه إذا حصل الصغار ليهود القدس مثلًا لم يعتبر حصوله ليهود اليمن؟ وإذا راجعتم البحث في جمع الجوامع (٢) وشروحه وغيره من كتب الأصول، تبين لكم أن ضمير الجماعة للكل الإفرادي إلا بدليل، وأما كفاية الصغار الحاصل للفرد فما عثرت إلى الآن على قائل يقول أنه يكفي في الصغار المكلف بإنزاله بهم، بمجرد إنزاله بواحد من كبرائهم؛ فما أظن هذا إلا مخالفًا للإجماع، فأخبرونا: هل لكم في هذه المقالة من سلف؟ فإن لم تجدوا، فأفيدونا بالدليل عليها فهو نعم السلف.

قال: أو يقال: الصغار ثابت لكل واحد بالفعل في حال إعطاء الجزية؛ إذ الواقع أنهم يعطونها وهم في حال صغار إلخ.


(١) (١/ ٤٢٩).
(٢) (١/ ٤٢٩).