والأشخاص، وأنه غير معتبر مع عموم الأزبال باعتبار الصيغة، فطاحت المسألة على جميع التقادير، واسترحنا من تعبها من جميع الوجوه، ولم يبق ما يصلح متمسكًا للمعارضة.
إذا عرفت هذا التقرير، مع ما ينضم إليه من الأدلة المتواترة على وجوب إنكار المنكر [٢٤]، وإجماع الأمة على أنه واجب، فالمتلوث بالعذرة الواقع في محرم مقطوع به، وهو مخالفة الإجماع لمباشرتها لم يحفظ دينه من هذه الحيثية، والمقرر له على ذلك الواقع في محرم مقطوع به، وهو مخالفة الإجماع، والدليل القطعي بترك إنكار المنكر لم يحفظ دينه أيضًا من هذه الحيثية؛ فهذا مرادنا بالدين الذي استفسرتمونا عنه، ويحفظه الذي جعلناه ضروريًّا على حسب مصطلح أرباب الأصول.
وأما معارضة ذلك بأن منع المسلم المحترف بتلك الحرفة يؤدي إلى عدم حفظه للدين، فمع كونه يستلزم التقرير على كل حرفة محرمة بتجويز هذه المظنة، ويسد عنك باب الإنكار، وتنفتح أبوب كل فساد للأشرار، وحاشا إنصافكم أن تلتزم مثل هذا، فهو لا ينفعكم في مثل ما نحن بصدده؛ لأن هذه مفسدة متيقنة واقعة، وتلك مظنونة لما تقع، وهذه حفظ لمفارقة المحرم، وتلك بملازمته والتقرير عليه. ورفعها لا يقوم بالخرق، وبينهما مفاوز وعقاب تتقطع في قطعهما أعناق مطي الطلاب، وبمثل هذا لا يخفى على من كان في التيقظ مثلكم، وما أظنه إلا وقع في حال سهوِ، وإن كان لكم عليه دليل فما بيننا وبين الحق عداوة، ولو جاءنا به من لا يؤبه له، فكيف بمن هو ابن مجدته ونجدته!.
وأما احتجاجكم بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أعطى الحاجم (١) أجرته فنقول:
أولًا: لا يصح إلحاق العذرة بالدم؛ لأن قياس ما هو أغلظ حكمًا على ما هو أخف