قال: يستفسر ما أراد بالدين، فإن أراد بالدين الأركان الخمسة التي بني الإسلام عليها إلخ.
أقول: المراد بالدين الذي حفظه أحد الضرورات الخمس أعم من الشق الأول، وأخص من الثاني، فما كان يستلزم تركه أو فعله ذهاب الدين وانتقاصه انتقاصًا بوقع في العقاب، فحفظه واجب. وقد قررنا فيما سلف أن نجاسة الغائط مجمع عليها، لم يخالف فيها أحد من المسلمين، كما حكى ذلك الأئمة. وبعد ثبوت هذا الإجماع، وثبوت الأدلة المتواترة في ذلك، وعدم صحة التعلق بنقل الأزبال إلى الأموال في المعارضة من جهة أنه ليس جوازه مرفوعًا إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بقول، ولا فعل، ولا تقرير، ولا دل عليه غير ذلك من الأدلة، ولا أجمعت عليه الأمة، لا قولًا ولا فعلًا، مع كونه لم ينقل أن أحدًا من أهل العلم السلف والخلف أجاز نقل العذرة حال رطوبتها إلى الأموال لتسميدها.
وغاية ما في ذلك حكاية جواز التسميد بالزبل، وهو مع عمومه لكل زبل مع ما نقلتم عن ابن عمر أنه قال: كنا نشرط عليهم ألا يزبلوه بالعذرة، والمجيء بهذه الصيغة المشعرة بإسناده الاشتراط إلى جماعة الصحابة كالمخصص، على أنه لو فرض أن القول بجواز التسميد بالزبل إجماع، وفرض شموله للغائط، لكان مخصوصًا بالإجماع القولي، والدليل الصحيح، القاضيان بنجاسة العذرة، وإلا لزم إن قيل بالتعارض، إما عن جميع الوجوه، أو من وجه كما هو شأن العموم والخصوص، ومن وجه تعارض القواطع، إن جعلتم الإجماع الفعلي على جواز التسميد قطعيًّا، وأنه باطل، وإن جعلتموه ظنيًّا فلا ينتهض لمعارضة القطعي، وهو الإجماع على نجاسة العذرة في مادة الاجتماع. فكيف بمادة الافتراق التي هي محل النزاع! إن قلنا أن بينهما عمومًا وخصوصًا من وجه، فكيف والظاهر أن الإجماع على نجاسة العذرة أخص مطلقًا؛ لأن العموم والخصوص من وجه إنما يتم في نجاسة العذرة بالنظر إلى عموم الحكم بنجاستها للأوقات، والأزمان،