للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدفع جزءًا من ماله إلى غيره لينفقه في شيء من وجوه الخير، فقد ادعى ما لا تدل عليه الآيات القرآنية التي استدل بها هذا على فرض أن هذه الآيات المشتملة على الإنفاق غير محمولة على ما هو واجب في المال بإيجاب الله - سبحانه - كالزكاة ونحوها. وأما إذا كانت محمولة على ذلك كما هو قول الجماهير فلا دلالة فيها على المطلوب من الأصل.

واستدلوا أيضًا بقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (١) وليس في هذه الآية شيء من الدلالة على المطلوب، وهو إيجاب الإنفاق والجهاد، وتحتمه، ودفع ما ينفقه صاحب المال إلى السلطان، بل فيها المفاضلة بين الطائفتين، ولا شك في ذلك، وليس المراد بهذه النفقة خصوص النفقة في الجهاد، بل المراد الإنفاق العام في وجوه الخير، ومن جملة ذلك الإنفاق على فقراء الصحابة كأهل الصفة الذين حكى الله عن المنافقين أنهم يقولون في شأنهم: {لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا} (٢) فهذا الوجه من جملة ما رغب الله فيه من النفقة. وقد أرشد الله سبحانه إلى الإنفاق سرًّا فقال: {وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية} (٣) وورد أن صدقة السر أفضل من صدقة الجهر في أحاديث صحيحة فهي من أفضل أنواع الإنفاق [٢ ب] التي وردت الآيات القرآنية بالإرشاد إليها، والحث عليها.

ومن جملة أنواع الإنفاق الفاضلة الإنفاق على النفس والأهل والأقارب، فإنه قد ثبت أن ذلك من أفضل أنواع الإنفاق، وأنه مقدم على سائر الأنواع كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة.

واستدلوا أيضًا بقوله تعالى:


(١) [الحديد: ١٠].
(٢) [المنافقون: ٧].
(٣) [الرعد: ٢٢].