للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

في بيان اتفاق الشرائع على إثبات المعاد

اعلم أنه سبق لي تأليف رسالة في هذا سميتها: (المقالة الفاخرة في بيان اتفاق الشرائع على إثبات الدار الآخرة) (١)

ولما كان هذا هو أحد المقاصد الثلاثة التي جمعت لها هذا المختصر، فإن ذكر بعض ما في كتب الله -عز وجل- مما يتعلق به لازما.

ففي التوراة في أولها عند الكلام على ابتداء الخليقة التصريح باسم الجنة، ولفظه: "فغرس الله جنانا في عدن شرقيا (٢)، وابقا، ثم آدم الذي خلق وأنبت الله"، ثم كل شجرة حسن منظرها، وطيب مأكلها، وشجرة الحياة في وسط الجنان، وشجرة معرفة الخير والشر، وكان نهر يخرج من عدن، ليسقي الجنان. ومن ثم يتفرق، ويصير أربعة رؤوس. اسم أحدهما النيل، وهو المحيط بجميع بلد زويلة الذي ثم الذهب، وذهب ذلك البلد جيد، ثم اللؤلؤ، وحجارة البنور. واسم النهر الثاني جيحون، وهو المحيط بجميع بلد الحبشة. واسم النهر الثالث الدجلة وهو السائر شرقي الموصل. والنهر الرابع، هو الفرات". انتهى.

وكما وقع التصريح في التوراة بالجنة كما ذكرنا، فقد وقع التصريح فيها باسم النار. ولفظها في التوراة (شول واش) قال علماء اليهود: ومعنى اللفظين (جهنم).

وفي موضع آخر في التوراة ما لفظه: "وإن الله خلق خلقا وتفتح الأرض فاها فينزلون إلى الثرى، هؤلاء القوم الذين عصوا الله. وقال: أحجب رحمتي عنهم، وأريهم عاقبتهم، وكما أنهم كادوني بغير إله، وأغضبوني بغروراتهم، كذلك إني أكيدهم؛ لأن النار تتقدح من غصبي، وتتوقد إلى أسفال الثرى، فتأكل الأرض ونباتها، حتى تستطلع


(١) سيأتي تحقيقها في القسم الأول هذا "الفتح الرباني" عقب هذه الرسالة. برقم (١٠).
(٢) في التوراة سفر التكوين الإصحاح الثاني.