للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: لا أعلم أحدًا من أهل الحجاز كره السماع إلا ما كان منه في الأوصاف.

قال ابن النحوي في العمدة: وقد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة، وكذا روي سماعه، والقول بجوازه عن جماعة منهم من التابعين، فمن الصحابة عمر كما رواه ابن عبد البر (١) وغيره .....................


(١) كما في كتاب "السماع" (ص ٤٢) عن يحيى بن عبد الرحمن قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب في الحج الأكبر حتى إذا كان عمر بالروحاء كلم الناس رياح بن المعتمر وكان حسن الصوت بغناء الأعراب، فقالوا: أسمعنا، وقصر عنا الطريق فقال إني أفرق من عمر، قال فكلم القوم عمر: إنا كلمنا رياحًا يسمعنا ويقصر عنا المسير فأبى إلا أن تأذن له، فقال له: يا رياح أسمعهم وقصر عنهم المسير، فإذا أسحرت فارفع واحدهم من شعر ضرار بن الخطاب، فرع عقيرته يتغنى وهم محرمون.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" رقم (١٠/ ٢٢٤) عن السائب بن يزيد بنحوه بإسناد جيد.
قال الألباني في "تحريم آلات الطرب" (ص ١٢٩): وفي هذه الأحاديث والآثار دلالة ظاهرة على جواز الغناء بدون آلة في بعض المناسبات، كالتذكير بالموت أو الشوق إلى الأهل والوطن، أو للترويح عن النفس، والالتهاء عن وعثاء السفر ومشاقه ونحو ذلك، مما لا يتخذ مهنة، ولا يخرج به عن حد الاعتدال، فلا يقترن به الاضطراب والتثني والضرب بالرجل مما يخل بالمروءة كما في حديث أم علقمة مولاة عائشة: أن بنات أخي عائشة رضي الله عنها خفضن فألمن ذلك، فقيل لعائشة يا أم المؤمنين: إلا ندعو لهن من يلهيهن؟ قالت: بلى، قالت: فأرسلت إلى فلان المغني، فأتاهم، فمرت به عائشة رضي الله عنها في البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طربًا، وكان ذا شعر كثير، فقالت عائشة رضي الله عنها: "أف! شيطان أخرجوه أخرجوه" فأخرجوه.
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٢٣ - ٢٢٤) والبخاري مختصرًا في "الأدب المفرد" رقم (١٢٤٧) بسند حسن. وصححه ابن رجب في "نزهة الأسماع" (ص ٦١).