للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرع [١٤]، لا فيما صحبه التواتر بالنقل عن صاحب الشرع، كوجوب الصلوات الخمس، فإنه ينتفي الخلاف في تكفير جاحده، لمخالفته التواتر، لا لمخالفة الإجماع ... إلى آخر كلامه الذي نقله الزركشي في البحر (١)، وابن أبي شريف في شرح الإرشاد، وغيرهما من المتأخرين. وقد ذكر أبو إسحاق الشيرازي (٢) في الملخص أن الفسق يتعلق لمخالفة الإجماع، والكفر يتعلق برد ما علم من دين الله قطعا ويقينًا:

وقال إمام الحرمين في البرهان (٣) إن الضابط فيه أن من أنكر طريقًا في ثبوت الشرع لم يكفر، ومن اعترف بكون الشيء، من الشرع ثم جحده كان منكرًا للشرع، وإنكار جزئه كإنكار كله انتهى.

ولنقتصر على هذا المقدار من نقل أئمة الأصول من أهل المذاهب الإسلامية، وقد خرجنا عن المقصود إلى غيره، ولكنه أخذ بعض الكلام بحجزة بعض، وأردنا تكميل الفائدة في مسألة الإجماع، وحكم مخالفه، ليتيقن المسارع إلى الحكم بالإجماع من دون بصيرة (٤).

والجزم على مخالفه مطلقًا بالكفر والضلال، مع أنه قد تقرر في الأصول خلاف من خالف في إمكان الإجماع، ووقوعه، ونقله، وحجيته. وذلك معروف عند كل من له إلمام بعلم الأصول، والتفات إلى طرائق العلماء الفحول. ولقد قال العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في كتابه الروض الباسم (٥) إن الضروريات من الإجماع هي الضروريات


(١) (٤/ ٤٤٣).
(٢) انظر: "المحصول" (٤/ ٤٤٥) و"البحر المحيط" (٤/ ٤٤٣ - ٤٤٤).
(٣) (١/ ٦٧٥).
(٤) نعلم أن الشوكاني يقول: بعدم حجية الإجماع.
انظر: "إرشاد الفحول"، المقصد الثالث: الإجماع (ص ٢٢٦).
(٥) (١/ ١٤٨ - ١٤٩).